بين فترة وأخرى أتلقى إصدارات من مكاتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب، تحمل في ثناياها صورا للوحات تشكيلية، أقيم لها معارض في تلك المكاتب.
هذا الاهتمام بالفنون التشكيلية بالمكاتب أو بالرئاسة بشكل عام ليس بغريب، وإنما هي عودة للحب القديم لهذا الفن الذي قامت على دعمه الرئاسة وأسست قاعدته الأولى وأطلقته إلى العالم باهتمام كبير من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد -يرحمه الله- الذي خصص لها ميزانية مستقلة سارت بها بتواز مع النشاط الرياضي.
هذه العودة رغم أهميتها ودورها في تنشيط الساحة تحتاج إلى إعادة نظر حتى لا يكون هناك شيء من التضارب الذي قد يُحدث تشويشا على بوصلة الفن التشكيلي، الذي أصبح له جمعية مستقلة هي «الجمعية السعودية للفنون التشكيلية» وفروعها، مع ما تقدمه جمعية الثقافة عبر لجان الفنون التشكيلية في فروعها، وما تعد له وكالة الشئون الثقافية من برامج ومعارض محلية وخارجية.
هذا الخوف من الازدواجية تكشفه المعارض التي تقيمها المكاتب باعتمادها فيها على فنانين معروفين لهم حضورهم المحلي والخارجي، تتم دعوتهم من قبل بعض تلك المكاتب من مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى فناني المنطقة التي يتواجد فيها المكتب، إذ كان الأجدر بتلك المكاتب التركيز على الموهوبين في مناطقهم وتقديم جيل جديد للساحة دعما للمؤسسات السابق ذكرها، إذا علمنا أن مهمة إدارة هذا الفن أصبحت من مسؤوليات وزارة الثقافة، لنعود بالقول إنه لا مانع من المشاركة وفتح آفاق جديدة من الفرص للراغبين في ممارسة هذا الفن، ولكن ليس بمثل هذا التجميع الذي ضم الغث أكثر من السمين من أعمال قديمة يدفع بها بعض الفنانين المدعوين للمشاركة من باب المجاملة، وقد يبرر بعض منضمي تلك المعارض في تلك المكاتب بأن القصد من دعوة وجلب هؤلاء الفنانين وأعمالهم نوع من تقديم الخبرات، ومع اتفاقنا على المبدأ إلا أننا نختلف مع التنفيذ، فهناك الكثير من السبل لإيجاد الحلول؛ منها أن يدعى فنان من أولئك الفنانين لتقديم ورشة عمل في أي من تقنيات تنفيذ الأعمال الفنية، نحت كان أو رسم لإعطاء دورة مكثفة للمواهب، ومن ثم إقامة معرض لهم.
هنا يمكن أن نقف احتراماً للمكتب ولجهوده ونسعد ونفخر بما يقدمه من أسماء جديدة يحق له الاعتزاز بدوره في تقديمها للساحة ولمستقبل الفن التشكيلي السعودي، لا أن نقيم معرضا جمعت أعماله من هنا وهناك، الكثير منها قديم أو من تجارب ما زال أصحابها يجترونها دون أن نرى لهم جديدا.