لا يملك المتابع لأنشطة واعمال قطاعات وزارة الداخلية الاّ الاعجاب ومن ثم الاشادة والتنويه، إذ إن المنصف كما يتحدث عن الخلل والتقصير في اي مرفق خدمي، لابد ان يكون عادلاً في نظرته، فأينما وجد العمل الجيد يقارنه بضده ثم لا يكتمه ولا يحابي أي توجه لمخالف لم يقرأ الواقع قراءة صحيحة لأي سبب، وهذه الاشادة لا تعني ان كافة الاعمال الموجهة للمواطن لا يعتريها أي قصور غير متعمد في بعض الاحايين فهي طبيعة الحياة، ويكفي ان القائم على هرم المسئولية وكافة مساعديه يبذلون جهودهم للوصول لهذه الغاية والمطلب الوطني الهام، فأمن الوطن والمواطن امر لا يمكن الاستهانة به، والشواهد الملموسة تتحدث عن نفسها في هذا الاتجاه، فوسائل الاعلام بكل صنوفها تسجل كل حدث سلبي وايجابي، وفي الفترة الماضية كمثال شاهدنا كيف تعاملت اجهزة الامن مع طوفان المتسللين المشاغبين وترحيلهم، ومع عموم مخالفي انظمة الاقامة والعمل، وما حدث ايام السيول والامطار في بعض المناطق وما تم من جهود طيبة في الانقاذ والايواء وتصريف السيول وذلك بالتعاون مع جهات معنية بهذا الشأن، وجملة من حالات القبض على اشقياء من اللصوص والمزورين والمروجين والمفحطين والمبتزين وغيرهم في جهود تعد مشكورة ويأمل المواطن ليس استمرارها فقط، بل تطوير العمل وتكثيفه بمزيد من التدريب للكوادر الامنية، وتكثيف الدراسات المتخصصة التي تتناول جملة الحالات المعكّرة للصفو الامني بالمملكة، فكل ظاهرة تخل بالأمن عندنا لا بد من دراستها بشكل مستقل وايجاد الحلول الناجعة لاجتثاثها بل وعدم تكرار حدوثها، وان لا تركز الدراسات الامنية على عموميات يمكن ان تكون في أي مكان وزمان لمجرد ادراجها كدراسة امنية للباحثين، بمعنى ان الاولوية تكون لما هو قائم فعلاً وواقع من مشكلات وظواهر تخلخل تركيبتنا الامنية الاجتماعية.
وأود أن الفت إلى ملاحظات تتعلق بالأرامل والايتام والمعضولات ومن ارهقتها الديون وتعيل اطفالاً بسبب وفاة زوجها أو سجنه وقد تلحقه هي إلى السجن وتترك اطفالاً لا حيلة لهم يصارعون قسوة المعيشة بأنفسهم، حتى إذا ما تحدثت عنهم الصحافة هبّت اليهم بعض الاجهزة المختصة شاكرة وسائل الاعلام التي نبّهت لأوضاعهم، وفي هذا الصدد وكمثال فان جهود وزارة الداخلية ممثلة بإمارة منطقة مكة المكرمة ومحافظة جدة واضحة في اكثر من حالة آخرها حينما استقبل أطفال جدة السبعة والدتهم المسجونة بعد صدور التوجيه بالإفراج عنها من وزارة الداخلية، كما صدر التوجيه بالإفراج عن زوجها، (وبغض النظر عن قضيتهما هنا) فالمهم هو الحديث عن وضع اطفال لا يحسنون ادارة شئونهم وقد يقعون ضحية للمفسدين الذين يقودونهم للانحراف والضلال، فالمأمول من جميع جهات الاختصاص من دور الايتام والجمعيات الخيرية وحقوق الانسان والجهات الرسمية ان لا تضع مثل هذه الحالات المؤلمة تحت مجريات الصدف، وان لا تتركها لمهام الصحافة والاعلام متى ما تحدثت عنها وكشفتها للأنام تسارعوا إلى احتوائها، يفترض ان لا يسجن من يرعى اطفالاً او قُصّرأ او من ذوي الاحتياجات الخاصة ونحوهم قبل ان تُدبّر شئونهم وتُؤمن لهم اسباب الحياة المناسبة، وان تكون هذه قاعدة (امنية) تدرج ضمن الأنظمة الملزمة.