احتد الخلاف في تونس مرة أخرى بين أحزاب المعارضة من جهة وأحزاب الائتلاف الحاكم من جهة أخرى حول ميزانية العام الجديد؛ إذ طالبت المعارضة ممثلة في جبهة الإنقاذ بوجوب تأخير النظر فيها إلى ما بعد تسلم رئيس الحكومة الجديد مهامه بما يسمح بمراجعة فصول الميزانية المثيرة للجدل، فيما تمسك نواب الترويكا الحاكمة بضرورة الانتهاء من المصادقة على الميزانية العامة قبل حلول العام الجديد حماية لحظوظ تونس في الحصول على قروض وهبات ومنح خارجية تنعش اقتصادها. وبالرغم من الاحتقان السائد لدى الطبقة السياسية إثر تعيين المهدي جمعة خليفة لعلي العريض على رأس حكومة الكفاءات المستقلة، الذي غذاه الخلاف حول الميزانية العامة للدولة، إلا أن المجلس التأسيسي الذي صم آذانه عن مطالب المعارضة شارف على استكمال النظر في الميزانية التي يعتبرها البعض كارثة حقيقية على التونسيين. أما فيما يتعلق بالحوار الوطني الذي غادره الحزب الجمهوري، أحد مكونات جبهة الإنقاذ المعارضة، ورفض العودة إلى جلساته، فقد أفاد الحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار بأن الأحزاب ليس لديها وعي لإنقاذ البلاد من شبح الإرهاب. مضيفاً بأن الرباعي وضع سقفاً زمنياً في الحوار الوطني لإنهاء المسارين الحكومي والتأسيسي يوم 12 يناير القادم للاحتفال في عيد الثورة بدستور جديد وبحكومة جديدة وبموعد محدد ونهائي للمحطات الانتخابية القادمة.
ودعا العباسي إلى تكوين حكومة مصغرة، أعضاؤها غير متحزبين، وتكون حكومة ورقة بيضاء لا تتضمن وزراء من الحكومة الحالية. مشدداً على أن تكون هناك خطة متكاملة لمقاومة ظاهرة الإرهاب وإنجاح الانتخابات القادمة والنهوض بالمؤشرات الاقتصادية. كما طالب العباسي الحكومة القادمة بتوفير كل الضمانات الضرورية للأحزاب لتقوم بحملاتها الانتخابية بعيداً عن العنف والتهديدات. وطالب رئيس الحكومة الجديد بكشف حقيقة الوضع الاقتصادي باعتبار البلاد أصبحت تجد صعوبات لخلاص أجور موظفيها، بحسب قوله. إلى ذلك كشف مصدر مطلع برئاسة الجمهورية أن المهدي جمعة الذي مرَّ أكثر من أسبوع عن تعيينه خليفة لعلي العريض على رأس الحكومة الجديدة من طرف المشاركين في الحوار الوطني لم يتم حتى مساء أمس الجمعة تكليفه من طرف رئيس الدولة المنصف المرزوقي بتشكيل حكومته استناداً إلى فصول القانون المنظم للسلطات، بالرغم من أنه انطلق منذ الأحد الفائت في مشاورات مكثفة من أجل اختيار وزراء حكومته.
وبالتالي فإن كل ما يقوم به جمعة من مجهودات تظل «غير قانونية»، حسبما يذهب إليه البعض من المحللين السياسيين فيما يعتقد البعض الآخر أن مشاورات جمعة تدخل في خانة استباق الأحداث.