الجزيرة - محمد الرويلي:
لقي أكثر من عشرين سورياً غالبيتهم من الأطفال مصرعهم نتيجة العاصفة الثلجية التي مرت على سوريا ودول الجوار؛ ويعد الأردن من أكثر الدول المجاورة لسوريا استقبالاً للاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة في بلادهم وذلك لطول الحدود البرية بين البلدين والتي تصل إلى 375 كم ووجود عشرات المعابر غير الشرعية بين البلدين إضافة إلى معبرين رسميين هما درعا ونصيب.
«الجزيرة» تجولت لمدة ثلاثة أيام داخل المخيمات وسط أوضاع إنسانية صعبة نتيجة البرد والثلوج والفقر المدقع الذي يصاحب هذه الأسر التي فرت لتنجو بحياتها من آلة الموت والبطش والقمع.. في هذه الأثناء دعت منظمة التعاون الإسلامي المنظمات الإغاثية إلى سرعة التحرك لمواجهة موجة البرد في المخيمات السورية، وذلك لاحتواء سوء الأوضاع الجوية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون جراء موجة الصقيع التي تضرب المنطقة.
أوضاع إنسانية
أوضاع إنسانية صعبة نتيجة الطقس تدهورت بها الأوضاع في مخيم الزعتري للاجئين في شمال الأردن مع تعرض البلاد لعواصف شتوية، حيث أغرقت مياه الأمطار الغزيرة والثلوج المتساقطة الكثير من جنبات الخيام المنتشرة هناك كما تضررت أخرى نتيجة العواصف الشديدة والأمطار الغزيرة في المخيم الذي يأوي أكثر من 120 ألف سوري، حيث تم نقل الكثير من سكان المخيم بعد ذلك إلى وحدات سكنية متنقلة (كرفانات) لكن عدداً كبيراً منهم ما زال يقيم في خيام تجتاحها المياه بسهولة ولا توفر لسكانها حماية تذكر من البرد.
وتحدث لاجئ سوري يدعى زياد الشامي عن معاناة اللاجئين السوريين في ظل هطول الأمطار واجتياح المياه للخيمات في الزعتري.. ووصف المخيم بأنه رابع أكبر مدينة في الأردن وأكثر من نصف سكانه من الأطفال الذين يتأثرون سريعاً بالأحوال الجوية القاسية.. وتجد السلطات الأردنية صعوبة في تلبية بعض الاحتياجات المتزايدة لسكان المخيم حيث تتنامى الأعداد بشكل مستمر مما يزيد من صعوبة مواجهة المتطلبات اليومية من الحاجيات والمستلزمات.
في هذه الأثناء حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين من تفاقم الأوضاع الإنسانية للنازحين السوريين بسبب موجة البرد القارس.. وقالت المفوضية إنها سترسل مزيداً من المساعدات إلى اللاجئين السوريين في الداخل وفي البلدان المجاورة وحذرت من أن كارثة تواجههم بسبب برودة الطقس التي تعيق تقديم المساعدات الأمر الذي دعا آلاف اللاجئين السوريين بالمخيمات الأردنية إلى إطلاق صرخة استغاثة بعد تردي الأحوال الجوية وارتفاع معدل تساقط الثلوج.
وقال لاجئون سوريون لـ«الجزيرة» في مخيمات أهلية بمحافظة المفرق شمال شرق الأردن إن البرد الذي تشهده البلاد في هذه الفترة يهدد حياتهم وحياة أطفالهم لعدم توفر وسائل تدفئة أو مساكن جيدة..كما أن هناك صعوبة في تأمين بعض الأدوية للمصابين والجرحى الأمر الذي يضطر البعض منهم لشراءه على حسابه الخاص.
مخيم غير رسمي
وخلال «جولة لـ(الجزيرة)» على مخيم غير رسمي يؤوي نحو 150 أسرة معظمهم من منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق شكا لاجئون «عدم قدرتهم على تحمل البرد الشديد الذي يجتاح الأردن وتهديده لحياتهم وحياة أطفالهم» على حد وصفهم.
وقال أبو زياد الحمصي: «لجأت للأردن منذ 6 شهور ودخلت مخيم الزعتري ولم أستطع العيش داخل الخيمة، لي لأن عائلتي كبيرة مما اضطرني للخروج وشراء خيمة بقيمة 1000 دولار لتحمينا من البرد».. وقال لاجئ آخر طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من نظام المستبد بشار الأسد إنه يعيش وأسرته «بخيمة تضم 11 شخصاً وهم أبناؤه وأبناء أخيه الذي قتل بقصف للنظام في الغوطة بريف دمشق.
تدفق يومي
إلى ذلك أوضح رضوان العتوم متصرف محافظة الرمثا لـ«الجزيرة» أن اللواء الحدودي الذي يمتد على طول الشريط الفاصل بين البلدين قبالة الحدود الأردنية السورية والبالغ طولها 375كم من دير الكاف إلى بني كنانة بمنطقة عقربة تأثرت تأثرًا تامًا بسبب نزوح آلاف وملايين اللاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة هناك غير أنه كانت هناك قدرة نفسية واجتماعية لاستيعاب النازحين من قبل الأسر والعوائل الأردنية وذلك قبل إنشاء المخيمات بالزعتري والرمثا؛ حيث تم استيعاب الفارين من بطش النظام السوري وآلته العسكرية التي امتدت للأطفال والنساء والشيوخ العزل ولجميع المطالبين بحرياتهم وحقوقهم الوطنية والإنسانية وذلك بحكم صلة القربى والنسب التي تربط بين الشعبين من سكان القرى والمدن على الشريط الحدودي كما كان للعلاقات التجارية والاقتصادية السابقة قبل اندلاع الأزمة وإنشاء المخيمات عنصرًا أساسيًا في استيعاب واحتواء العديد منهم.
وأضاف العتوم إن الأعداد الهائلة التي مازالت تتدفق بشكل يومي ساهمت بشكل كبير في تدني مستوى الخدمات الصحية رغم الجهود المبذولة من قبل الدولة الأردنية وذلك لتوفير الأدوية بالمجان لجميع مخيمات اللاجئين، وأشاد العتيم بالدور الذي لعبته منظمة «أطباء بلاحدود»، والتي تواجدت على الشريط الحدودي لاستقبال الحالات الجراحية والحالات الحرجة ومعالجتها بالمجان، حيث يصل يوميًا عشرات المصابين يتم نقلهم من قبل أقاربهم تحت غطاء أمني من الجيش الحر وحرس الحدود الأردني الذي يؤمن دخول المارين على امتداد القرى هناك وتطرق العتيم لمشكلة المياه في محافظة الرمثا والتي تعتمد سابقًا على في توفير المياه من محافظة «الزعتري» التي تم إنشاء أكبر مخيم فيها لإيواء اللاجئين السوريين الأمر الذي جعل مشكلة المياه تتفاقم بسبب الكم الهائل والضخم التي يتم توجيهها للمخيمات، كما أشار إلى الضغط الكبير الذي يقع على عاتق البلديات في الرمثا وسهل حوران نتيجة زيادة الأعباء الناجمة عن مخلفات اللاجئين خصوصًا وأنه لاتوجد الأليات الكافية لمواجهة كل هذه المخلفات كما ينقص العديد من تجهيزات البنية التحتية للمخيمات وتطرق العتيم لمشاكل السكن نتيجة خروج بعض الأسر السورية من المخيمات وانتقالها لمساكن خاصة في عمان والزرقاء وأربد والمفرق وبقية المحافظات مما قفز بإجار الشقق من 100 إلى 600 دينار أردني.. مضيفًا: إنه نشأ عن الحالات المادية المتردية بعض التاثيرات السلبية نتيجة ظروف اللاجئين والذي يبلغ عددهم في الرمثا فقط سبعين ألف نتج عنها نشوء عادات وتقاليد جديدة كارتفاع معدل الزواج المبكر وحالات التسول في الميادين والأماكن العامة.
الجهود السعودية
من جانبه أشاد مدير عام جمعية التكافل الخيرية بأربد الشيخ خالد النواصرة بالجهود التي تبذلها الجهات في السعودية والمحسنين من الشعب السعودي الكريم والذي هب لنصرة وإعانة اللاجئين من خلال «الحملة الوطنية السعودية» للأشقاء السوريين في المخيمات الأردنية حيث تمثل الحملة نسبة 80% من حجم المساعدات والدعم الذي يصل للاجئين في المخيمات وذلك عبر توفير الغذاء والدواء والكسوة حيث صرف في الأسبوع الماضي 3000 بطانية و2000 معطف جديد ومازال الدعم يصلنا من الأشقاء في السعودية كما صرفت الحملة الوطنية السعودية قبل موسم الشتاء أكثر من 28 ألف بطانية و14 ألف سلة غذاء تحتوي على جميع العناصر الأساسية مثل «الأرز والسكر والشاي والعدس والتمر والماجي والمربى والزعتر والزيت والفاصوليا وزيت الصويا»، التي تسد احتياجات كل أسرة لمدة شهر كامل استفاد منها 13 ألف أسرة كما قدمت الحملة أكثر من عشرين شاحنة محملة بالمياه للقادمين من الحدود الشمالية والحدود الشرقية وقال «النواصرة» تكفلت الحملة الوطنية السعودية بتغطية نقفات وتكاليف العمليات القيصرية وعمليات الولادة في المستشفيات الحكومية والخاصة لمدة ستة أشهر لمن لا تحمل ورقة المفوضية، كما قدمت مئة ألف ريال شراء أدوية فورية لحالات حرجة إضافة إلى دعمها الدائم والمستمر والذي يعتبر بالنسبة لنا في الجمعية العنصر الأساسي الذي قام عليه استمرار دعمنا ووقوفنا مع الأشقاء السوريين ومازالت السعودية شعبأ وحكومة من خلال المنظمات الحكومية والهيئات الشعبية في طليعة المانحين والداعمين للمخيمات في الأردن.
نداء للمجتمع الدولي
وطالب النواصرة المجتمع الدولي من خلال الهيئات والمنظمات والأفراد تكثيف الجهور لنصرة الشعب السوري وذلك لمواجهة فصل الشتاء الشديد الذي بدأ هذا العام، حيث بلغت نسبة الثلوج في بعض المحافظات متر ونصف ولمواجهة الأمطار والبرد وللوقوف بشكل جاد مع هذه الأزمة يستوجب تحويل المخيمات «لكرفانات» وتأمين مفارش لهذه الأماكن ووسائل تدفئة وبطانيات في مخيم الزعتري النظامي وبقية المخيمات الأهلية في كافة المحافظات والألوية والتي تنتشر بشكل كبير ولا تجد عناية كافية ومتابعة لشئون واحتياجات أفرادها.
السمحان: الجهود السعودية مشهودة
من جانبه، أكد لـ«الجزيرة» المدير الإقليمي المدير الإقليمي للحملة الوطنية السعودية لنصرة الشعب السوري الدكتور بدر بن عبدالرحمن السمحان أن الحملة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ويشرف عليها سمو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف تقوم على عدة برامج متنوعة تضم أربع محاور وتشتمل على المحور الغذائي لتأمين العناصر الأساسية والأطعمة المتنوعة التي تم تقديمها للأشقاء السوريين بلغت تكلفتها 178.119.905 ريالات، تم تقديمها من خلال مكاتب الحملة في الأردن ولبنان وتركيا وبالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية العاملة في مجال المساعدات الإنسانية داخل سوريا.. كذلك هناك البرامج الصحية التي بلغ حجم الإنفاق عليها 83.837.903 ريالات، حيث تمت إقامة عيادات طبية تخصصية داخل مخيم الزعتري يحتوي على 12 عيادة وصيدلية متكاملة وعيادات للعمليات الصغرى يخدم مابين 600 إلى 700 مريض يومًا كما تكفلت الحملة بعلاج جميع جرحى القصير والمصابين من قصف النظام ويشرف على هذه العيادات أطباء سعوديون وعدد من الجنسيات المختلفة.
وعن البرامج الإيوائية أوضح السمحان أنه تم تأمين الخيام و«الكرافانات» للأشقاء حيث وزع في الزعتري خمسة آلاف كرفانة وألفي خيمة لمواجهة فصل الشتاء كما تقوم الحملة بإدخال الخيم داخل الأراضي السورية فيما تم توزيع خمسة ألاف خيمة للاجئين على الحدود التركية كذلك قامت الحملة السعودية باستئجار الشقق للأشقاء في كل من لبنان والأردن حيث تم تأمين ألف شقة في لبنان وخمس مئة شقة في الأردن بلغ تكلفتها 136.545.288 ريالاً.
وأضاف السمحان: إنه تمت كفالة ثلاثة آلاف طالب سوري للدراسة في لبنان كما تم تأمين 600 ألف شنطة بـ16.875.000 ريال، كما تقوم الحملة الوطنية بتغطية تكاليف جميع البرامج الموسمية والتي تشمل تأمين البطانيات والمدافئ والمعاطف والجوارب وتأمين 50 ألف فرش بقيمة 38 ألف للفراش الواحد وتأمين 300 ألف جاكيت و600 ألف بيجامة و600 ألف طقم شتوي و30 ألف دفاية، كما يتم تعليب لحوم الهدي والأضاحي وتقديم وجبات الأفطار للصائمين وتأمين ألف هدية للأطفال.