يزور الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند اليوم الاثنين على رأس وفد كبير يضم وزراء ورجال أعمال مجلس الغرف السعودية ، والالتقاء بالمسؤولين ورجال الأعمال في المملكة لبحث آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين. وقال رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس عبدالله المبطي لـ«الجزيرة»: إن زيارة فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد فرانسوا هولاند تأتي في هذا الوقت لتمثل منعطفا كبيرا وثمينا في العلاقات السياسية والاقتصادية بين المملكة وفرنسا، فمن الناحية السياسية تعتبر هذه المرحلة حاسمة في تاريخ المنطقة، ومن الناحية الاقتصادية فجمهورية فرنسا تعتبر من أكبر الشركاء الاقتصاديين مع المملكة ، وكلا البلدين يسعيان إلى بناء علاقات اقتصادية متينة على أرض الواقع ، من خلال مشاريع واستثمارات ، بما يرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين ليصل لمكانة أعلى. وقال: بالرغم من أن التقنية الفرنسية متقدمة وتلائم متطلبات المملكة في الكثير من الاحتياجات ، إلا أننا نلحظ غيابها في المجالات الفنية التي نحتاجها مثل المترو والقطارات السريعة والتقنية المتقدمة في صناعات المحركات.
وفيما يتعلق بحجم العلاقة الاقتصادية بين البلدين على مستوى القطاع الخاص والتي لا تتعدى تبادلات تجارية قال المهندس المبطي: تحتاج فرنسا إلى تغيير نمط تعاملها مع السوق السعودية وخاصة في أسلوب طرحها للمشاريع في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فالعلاقات السياسية ضمنت مشاريع ضخمة على صعيد المشاريع الحكومية ، ولكن القطاع الخاص يتطلع إلى تواجد التقنية والمعرفة الفرنسية في السوق السعودية، وذلك يأتي من خلال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، بالإضافة إلى بناء المشاريع الكبرى التي اقتصرت على المشاريع الحكومية، مما يساعد على إنشاء علاقات اقتصادية أقوى على المدى البعيد بين البلدين ، كما أن الشركات الفرنسية تحتاج إلى دراية وقرب للسوق السعودية من خلال تواجد فروع لها في المملكة. من جانبه أوضح نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي الفرنسي المهندس فايز العلويط لـ»الجزيرة»: بأن زيارة الرئيس الفرنسي تأتي امتداداً للزيارات التي يقوم بها المسؤولون الفرنسيون للمملكة لما تمثله من ثقل سياسي واقتصادي وريادي في المنطقة، فإلى جانب المواضيع السياسية التي سيتم بحثها مع المسؤولين بين الجانبين، يبقى للمحور الاقتصادي أهميته ومن هذا المنطلق ستعقد ورشتا عمل في مجلس الغرف السعودية على هامش زيارة فخامة رئيس جمهورية فرنسا والوفد المرافق والاجتماع مع رجال الأعمال السعوديين لبحث الفرص والمواضيع ذات الاهتمام المشترك. ولفت المهندس العلويط إلى أن الشراكات بين الجانبين السعودي والفرنسي قائمة منذ عقود، ولكن هناك تطلع للانتقال إلى عهد جديد ، ومرحلة انتقالية من الشراكات التي تعتمد على نقل التقنية وتوطينها من خلال بناء شراكات إستراتيجية طويلة الأمد. وأضاف بأن حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا تضاعف ليصل إلى حوالي 9 مليار يورو في عام 2012م، بزيادة قدرها 13 % مقارنة بعام 2011م، وتعد فرنسا ثالث أكبر مستثمر في المملكة وتحتل المرتبة الثامنة بين أكبر عشر دول مصدرة للمملكة، وفي المرتبة 15 من بين الدول المستوردة من المملكة حيث تعد المورد الرئيسي للنفط.
وكشف المهندس العلويط بأن قيمة الاستثمارات السعودية في فرنسا بلغت 600 مليون يورو، كما أن هناك ما يزيد عن 70 شركة فرنسية تعمل بقطاعات مختلفة في المملكة. وأضاف: مجلس الأعمال السعودي الفرنسي من أهدافه التي يعمل عليها هي تقريب العلاقة، من خلال الزيارات والاجتماعات المتبادلة التي أنتجت زيادة فرص الأعمال بين الجانبين ، وزيادة عدد الشراكات والاستثمارات ، ونقل وتوطين التقنيات الفرنسية إلى المملكة، كما أن التركيز كان يدور حول جذب الشركات المتوسطة والصغيرة للدخول بشراكات مثمرة، أيضا للمجلس دور في حل القضايا التي يقع فيها المستثمرون من الجانبين من خلال التعاون مع كل من سفارة خادم الحرمين الشريفين في باريس وسفارة فرنسا في الرياض بمساعدة الشركات من الجانبين ، وخاصة السعودية لتوضيح ما يحتاجونه لتلافي ما يمكن من المعوقات. وأشار إلى الأعمال التي قام بها المجلس من أجل تعميق الشراكات والعلاقات الاقتصادية بين الجانبين ، فخلال عام 2013م قام مجلس الأعمال السعودي الفرنسي ولجنة تطوير التجارة بمجلس الغرف السعودية ووزارة التجارة بالترتيب لعمل «منتدى فرص الأعمال السعودي الفرنسي الأول» الذي أقيم شهر أبريل عام 2013م بالعاصمة الفرنسية بحضور عدد من مسؤولي الجانبين ولاقى صدى واسعا، كما قام مجلس الأعمال المشترك أيضاً بالتنسيق لوفد متخصص في المجال الصحي مع وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة، وتم عقد اجتماعات عدة بين الجانبين من القطاع العام والخاص، وتم التوقيع على اتفاقيات في هذا المجال بين البلدين. وعن مدى ثقة المستثمرين الفرنسيين بالسوق السعودية قال: جميع الدول تتسابق للفوز والاستثمار في السوق السعودية لما تعيشه المملكة ولله الحمد من استقرار سياسي مع وجود اقتصاد متين، فالسوق السعودية -ولله الحمد- جاذب ومغرٍ لأي مستثمر ليس فقط للجانب الفرنسي فحسب.