لا شك ان ما وهب الله المملكة من نقلة تنموية هائلة جعلت الكثير من دول العالم تنظر إليها إما بعين الإعجاب وإما بعين الحسد، كيف لا والمملكة تزخر بميزانيات ترليونية في وسط دول تعج بالصراعات والنزاعات والشتات بل والتفجيرات المتعاقبة حيث أصبح الملاذ الأمثل لكثير من مستثمري الشرق الأوسط الاتجاه إلى المملكة كحاضنة آمنة لاستثماراتهم بل وأكثر من ذلك إن كثيرا من تجار الشرق الأوسط وإفريقيا أصبح لديهم مقرات دائمة في المملكة، بينما بلادهم التي ولدوا فيها لا يأتونها إلا زائرين كل هذا وأكثر لم يأت من فراغ، فالمملكة رغم ما تتعرض له من حملات إعلامية عربية وأجنبية تنهش في صميم معتقداتها وفي صميم عقيدتها لم ترضخ يوما ما لكل هذه الأكاذيب إما بحجة حقوق الإنسان أو بحجة حقوق المرأة أو بحجة حقوق المعتقد أو بحجة حقوق العمال إلى غير ذلك من الأسماء الرنانة التي تأتي من أناس لا يعرفون حق الله قبل أن يعرفوا حقوق خلقه، فكل من يطالب المملكة اليوم هم أشخاص تلوثت أيديهم ليس فسادا ماديا فحسب ولا أخلاقياً فقط فكل الناس خطاؤون وخير الخطائين التوابون، بل الأدهى والأمر أنهم غرقوا في بحر من الدماء ففي كل بلد يأتون إليها نجد الخراب والدمار وقتل الآلاف الأبرياء إما بحجة الإرهاب وإما بحجة أسلحة الدمار الشامل وإما بحجة إعطاء مهل وليس مهلة للقاتل بحجة تفريغ البلاد من الأسلحة الكيماوية هؤلاء الناس لا يعرفون إلا لغة واحدة وهي لغة المصلحة الدنيوية فليس عندهم اعتبارات دينية أو أخلاقية أو إنسانية، فهم يستخدمون هذه المصطلحات غطاء لما يريدون فعله، أو مايودون الوصول إليه، والشواهد على ذلك كثيرة فعندما سقط بعض الرؤساء العرب ومنهم الذي قدم الغالي والنفيس لهم بل أصبح تلميذا نجيبا لكل ما يودون فعله فحول بلده إلى شبه مستعمرة، وافتتح الجامعات الأجنبية والمدارس العالمية وفرض اللغة الأجنبية فيها وشجع على افتتاح المدارس العالمية بحجة تطوير مجتمعه والارتقاء به وهو أي المجتمع خرج فطاحل العلم من جميع التخصصات وحاز معظمهم على جوائز نوبل قبل أن يعرفوا هذه الجامعات الاسمية، وهذه المدارس العالمية ركلوه ولم يعيروه أي اهتمام، بل وأكثر من ذلك باركوا سقوطه، فمن يعتقد أن ولاءه لهؤلاء دون شعبه سينقذه فهو إما واهم أو مغفل، وعلى ذكر المدارس الأجنبية التي أصبحت اليوم ظاهرة في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية التي تبدأ بنزع ثقة الطفل في لغه وثقافته ومن ثم انتمائه، وبعد ذلك يعولون عليه الثبات والثقة بالنفس والتمسك بالقيم والمبادئ على أي ثقافة سيستند هذا الطفل وعلى أي قيم سيتكئ وعلى أي مبادئ سيسير في حياته إنها مغالطات أراد أصحاب هذا الفكر أن يسرقوا لها، وللأسف أن أصحاب هذا الفكر هم من يتحدث عن الوطنية والانتماء وهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون ينخرون في جسد أمتهم وأوطانهم، وللأسف أننا نجد لهؤلاء أمثالا في وطننا، فهذه الأمة العظيمة التي قامت على توحيد الله عز وجل وشهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والتي اجتمع عليها قبائل الشرق والغرب والشمال والجنوب وتوحدت عليها كلمة الأمة وما كانوا ليتحدوا على شيء جامع مثل اتحادهم على دين الله عز وجل وعلى عهد تعاهدوا عليه هم وقادة هذه البلاد بأن يحكموا فيهم شريعة الله وألا يحيدوا عنها مهما جرى من طوارق العصر وأحداث الزمان، وكانوا عند العهد وعند الوفاء فأصبحوا بحق أهل الوفاء، وكان كذلك مواطنو هذه البلاد عند حسن ظن قادتهم فبادلوهم الوفاء بالوفاء والصدق بالصدق، وكانت الأحداث التي مرت بها المملكة أكبر دليل على إيمان هذا الشعب بحكامه وثقته بهم وبأنهم أهل التوحيد وحراس العقيدة مهما ادعى مخالفوهم ذلك أو حاولوا أن يدنسوا أفكار أبناء الوطن بمعتقدات وأفكار منحرفة ظاهرها الدين وباطنها الفهم الخاطئ والانجراف خلف الأهواء، وهؤلاء معروفون منذ القدم فلا يكاد يخلو زمان منهم ولا بلد، ولكن الغريب عندنا هو أن هناك أشخاصا ممن يدعون الحرية وإظهار الحقيقة وليس التزييف على الناس ممن اتخذ من هؤلاء مطية لضرب علماء الأمة ومشايخها والانتقاص منهم بصورة تدعو إلى الضحك على ثقافة هؤلاء وفهمهم وأنهم للأسف يعتقدون أنهم نجحوا في ضرب الأمة بعلمائها وما درى هؤلاء أنهم مع كل خروج يحاولون فيه الإساءة إلى علماء هذه البلاد ومشايخها يفتضح أمرهم أكثر وأكثر بل وتقل مصداقيتهم عند المتلقي، فإن كان هؤلاء صادقين في حرصهم على مصلحة بلادهم وأمنها واستقرارها فعليهم أن يبينوا أن سرقوة هذه الدولة في تمسكها بدينها وعقيدتها وثوابتها التي تأسست عليها والتفاف أبنائها على هذا الأساس، وأن أي شيء يخالف هذه المبادئ سيساهم بلا شك في خلخلة أركان هذه البلاد وما يخفى على كل مطلع أن الدول الكبرى في العالم التي تملك التأثير في منطقتنا وفي العالم أجمع لا تقيم علاقاتها من خلال قيادات فهم يعرفون أن القيادات تتغير والشعب بمجموعه هالباقي فهم إذا ما رأوا أن شعبا في دولة ما بدأ يفقد ثقته في قيادته لم يعد للقيادة تأثير عندهم بل وأكثر من ذلك قد يساهمون في زعزعة استقرارها والتأثير عليها بل والبحث عن شركاء في محيطها يحظون بشعبية أكثر لدى شعوبهم، فالسؤال المطروح من المستفيد من التأثير على علماء هذه الأمة وعلى ثوابتها وعلى معتقداتها ومن ثم بلا جدال التأثير على قادتها، من المستفيد من كل ذلك هل هو شخص حريص على قادته أم حريص على شعبه أم أنه بوق لا أكثر ولا أقل، وفي أي أزمة لا سمح الله نجده مغادراً إلى مأوى أفئدته هو ومن على شاكلته دون أي شعور بالخيانة والخذلان، هؤلاء لا يعول عليهم ولا يمكن بأي أي حال من الأحوال أن تقوم على أكتافهم أمة أو ينهض على أيديهم مجتمع ولكن ما يطمئن النفس أن هؤلاء رغم سنينهم العجاف التي حاولوا فيها سلخ هذا المجتمع من معتقداته وثوابته لم تأت بنتيجة بل وأكثر من ذلك وهو ما يدعو للاطمئنان والثقة بالله قبل كل شيء أن قادة هذه البلاد وسياسيوها ومفكروها وعلماؤها أصبح لديهم مناعة تلقائية من هؤلاء وهم بفطرتهم السليمة يعرفون من يمكن أن يعول عليه ومن ليس كفؤاً حتى لأخذ الرأي منه نسأل الله أن يديم على هذه البلاد نعمة الأمن والرخاء وأن يحفظ قادتها لما فيه صلاح أمتهم واستقرارها وعلو شأنها.