عند عالم النفس الاسكتلندي ديفيد هيوم مصطلح جميل أسماه (الصفحة البيضاء) وهو مصطلح يحفز على ترك الماضي بكل تفاصيله والالتفات للغد وصناعة المستقبل مؤكدا مقولة: إن المستقبل لمن يستعد له.
ما مضى فات، والمؤمَّل غيب
ولك الساعة التي أنت فيها
فلتجعل من يومك أجمل استهلال لأجمل مستقبل! ومنطلقا لفضاء أرحب، لا تدع الماضي المزعج يأسرك ولا الذكريات الأليمة تنهش روحك، وثق أنه عندما يغلق باب ينفتح بجانبه ألف باب وباب فلا تطل النظر للباب المغلق! باشر الممكن وركز على مكامن قوتك وتأكد أن سحابة الفرص ستستمر في الهطول ولن تتوقف، فلا تبك فائت بآهات حزينة ولا تتحسر على لبن سكب بحسرات مفجوعة؛ فلعن الظروف وشق الجيوب ولطم الخدود لن يعيد لك الماضي!
2 - وهذه أيضا ستمر: لن تخلو حياتك من أزمة بل أزمات ترهق فكرك وتحرمك لذيذ النوم ولمغالبتها كرر على نفسك قول (وهذا أيضا ستمر) مسترجعا شريط حياتك مستجلبا لوعيك بعض ما مر عليك من أزمات وستجد أن ما هو أشد قسوة وأقوى سطوة مما أنت فيه حاليا مضى وانتهى وبقيت حيا ترزق، سليما معافى وانحسر الغم وانقشع الهم وتلاشى الموقف بكل آلامه وأصبح الآن مجرد قصة نحكى وموقف يروى لا أكثر،،،،والذي أنجاك من ذاك ووهبك القوة والشجاعة لمواجهته سيفعل معك في هذا الموقف ومن سهّل لك الأمور وفرج لك الكرب لن يخذلك.. إن ربًا كفاك ما كان بالأمس... سيكفيك في غدٍ ما يكون
ردد نشيد (وهذا أيضا ستمر) وستجده معزيا ومسريا للهم وشاحذا للهمة ومعه ستفتح نوافذ يتسلل معها نور الأمل ليبدد ظلام المشاكل وعتمة الأزمات فما من عرض في الحياة يدوم وأغلب المشاكل لا تصمد طويلا ما لم نعمل على إحيائها فدع الماضي البائد يدفن موتاه بنفسه!
3 - لاشيء يستحق: كم قوّضت التوافه من بيوت ونالت من علاقات وقصرت من أعمار وشيبت من رؤوس! فبعض البشر يتعامل مع أحداث الحياة كما لو سيعمر ألف سنة! حيث التوقف عند كل محطة وعد الأنفاس وملاحقة أخطاء من حوله وتقمص دور القيم والوصي! فهو في دنياه حائر محسور!
إذا كسر الرغيف بكى عليه
بكاء الخنساء إذ فجعت بصخر
يقول ديل كارنيجي: نحن غالبا ما نواجه كوارث الحياة في شجاعة ثم ندع التوافه تغلبنا! وعلاج هذا صقل العقل وتدريبه على فهم حقيقة الحياة وطباع البشر نظرة رحبة ملؤها حب وحسن ظن!
4 - لا تحسبوه شرا لكم:
عندما تهفو الروح ويتطلع القلب لأمر (ما) وتتعلق المشاعر به ثم لا يكتب لك فلا تجعل لليأس سبيلا عليك، وابتسم متفائلا واجعل من قوله تعالى (لا تحسبوه شرا لكم) مواسيا ومسليا، فقط تأمل في خلال السنوات القريبة الماضية كم من أمر فات عليك رغم تعلقك وتمنيك حصوله ثم تجلت لك الحقيقة وتأكد لك لاحقا في أن ما كتبه الله هو الخير! ويكفيك أيها الموحد أن تقرأ قوله تعالى (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها) فيجري الله في روحك نهرا من السكينة وتشرق في سمائك شمس الطمأنينة فلا تجزع ولا تبتئس وتوكل على العزيز ونم قرير العين.
5 - قدم الخير تجده
تحرّ الخير وقدمه أينما وجدت فرصة دون انتظار شكر من البشر
من يفعل الخير لم يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
ومن السعادة أن تكون صاحب يد بيضاء معطاءة؛ والعطاء يكون ماديا أو معنويا وهو أرقى أنواع العطاء ويتمثل في الثناء الصادق والتغافل الجميل والاعتذار الراقي وتلمس مواطن القوة وتعزيز الإيجابيات ونقدهم برفق وتقديم العون دون تردد وتلكأ ومن العطاءات العظيمة التسامح وحسن الظن بالآخرين والعطاء قيمة جميلة تهدي لصاحبها أجمل وأروع المشاعر وسوف يجني ثمرة العطاء ولا شك لاحقا في الدنيا أو في الآخرة.
6 - لست مضطرا!
لن أنسى نصيحة أهداها لي شيخ يحمل من الحكمة والفهم الشيء الكثير حيث كان يدعوني للحياد في أحد المواقف فقال بلهجته النجدية العذبة (منت ملزوم يا ولدي) فالبعض يتطوع للمشاركة في معارك لا ناقة لها ولا جمل ويتطوع في القتال في معارك لا تقدم له سوى كسب العداوات وربما استخدم كأداة وكسلاح ومن هذا المجاهرة بالعداوات والعاقل لا يفعل أبدا! وأحيانا يخوض واحدنا في مواضيع سقيمة تفسد ولا تصلح وتؤذي ولا تسعد كالحديث عن المذاهب أو السياسة أو العرق فالصمت أكرم وأجمل من الخوض فيما لا تحمد عقباه والحياد عقل في بعض المواطن، وأنصحك قبل أن تتحدث أن تعرض قولك على لتر سقراط الثلاثي: هل الكلام صحيح؟ هل هو مفيد؟ هل هو لطيف؟
ومضة قلم:
الخبرة ليست ما يحدث لك؛ بل هي ما تفعله بما يحدث لك!