عبدالله بن حمد الحقيل
وصلني هذا الكتاب هدية من الأستاذ عبدالله بن محمد الرواف، وقد صدر عن دار جداول للنشر والترجمة، ولقد ولد المؤلف سنة 1895م وتوفي سنة 2000م.
تقع المذكرات في 650 صفحة، وقد اشتملت على حوالي 170 وثيقة وصورة أغلبها نادرة، لملوك وأمراء وأعيان طيلة قرن من الزمان، حيث تحدث عن تجربته الفريدة، وطريقته النادرة في توثيقها.
يسجل المؤلف جوانب من تجربة (العقيلات) التي شكلت صورة مبكرة للانفتاح، إذ ربطت بجسر تجاري تقليدي بين نجد والشام، أغنت خبرة أولئك الأجداد، وأغنوها بمهارتهم التجارية ومواهبهم الفطرية. المؤلف يروي تجربة شارك فيها، ويصور بيئات عاشها، ويحكي عما شاهد لا ما سمع.
ثم معاصرته لقيام المملكة العربية السعودية وتحدث عن عمق التحول وضخامة القفزة التي انتقلت بها البلاد من حالي التشتت والتنافر إلى الاجتماع والتعايش، وهي قفزة يغيب عن أجيال لاحقة حجمها وأثرها.
إن الرواف في ثلاثينيات القرن العشرين كان المهاجر السعودي الأول والأخير - على حد وصفه - إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولك أن تتصور صورة الكفاح النادر للنجدي الذي مضى إلى آخر العالم فاكتسب مع لغته لغة، ومع ثقافته ثقافة، وخاض تجارب متنوعة بلغت أسمى أشكالها في دعوته للإسلام وإمامته للمصلين وتعريفه بفضائل قومه، وعرفت خبرة نادرة كاد يضيع توثيقها عن مشاركته في فيلم (آي كفر ذا وور) في هوليود.
وفوق ذلك بدأت في أمريكا قصته الإنسانية التي فاقت خيال الروائي إذ فرقت الظروف بينه وبين ابنه على مسافة بضعة أشهر من ميلاده، فلم يلقه إلا وقد انتصف الابن في عقده الخامس، فكان اللقاء الثاني مع نواف الذي أصبح الضابط المتقاعد من خدمة الجيش الأمريكي.
أما طريقته في التوثيق فاكتسب تميزها حيث كانت ذكريات وثقها في أوراق حملها معه في ترحاله الطويل منذ بلغ الخامسة عشرة من عمره: وسيرى القارئ في ثنايا هذه المذكرات وصفاً دقيقاً لمدينة حائل، مثلاً، التي لجأ إليها المؤلف مع والده عام 1336هـ خوفاً من جمال السفاح، القائد العثماني في دمشق.
كما سيطلع القارئ على تفاصيل رحلة الأمير فيصل بن عبدالعزيز وإخوانه إلى سان فرانسيسكو عام 1945م.