منذ انطلاق مشروع الأكاديميات الرياضية قبل سنتين تقريبا وإقراره من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب واستحداث إدارة مختصة لذلك المشروع لتطبيقه والإشراف عليه في معهد إعداد القادة التابع للرئاسة، وما تم خلال الفترة الماضية من إعداد اللوائح والقوانين المنظمة لإنشاء وإدارة الأكاديميات الرياضية لمساعدتها في تحقيق أهدافها التي أوجدت من أجلها وهي بناء الإنسان الرياضي السعودي منذ الصغر بطريقة علمية مدروسة ووفق معايير عالمية ليعتبر قاعدة انطلاق في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الهدف المنشود منها في المستقبل القريب.
فالمتتبع لما تم في دول أوروبا خلال الأعوام الماضية وكيفية بناء تلك الدول وإدارتها لصناعة اللاعب الرياضي المؤهل والمحترف ليس في لعبة واحدة فحسب بل في جميع الألعاب، يجد أنهم قد وصولوا إلى تلك النجاحات من خلال البناء والتخطيط والإعداد الجيد لمثل هذه الأكاديميات التي حملت على عاتقها مسؤولية إعداد وتأهيل اللاعبين منذ الصغر وفي السنوات الأولى المبكرة حسب المعايير العلمية والتي تختلف من رياضة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر.
وبالرغم من الانتهاء خلال الفترة الماضية لجميع الجوانب التنظيمية واللوائح والقوانين المنظمة للأكاديميات من قبل الرئاسة إلا أنه ما زال الإقبال عليها ضعيفا جدا سواء كان من قبل الأندية الرياضية الكبيرة أولا أو من قبل رجال الأعمال ثانياً، فالقاعدة الأساسية التي بنيت للانطلاق جاهزة وهي ميسرة ومشجعة كذلك للاستثمار بها من قبل الجميع ولها مستقبل واعد من الجانب الاستثماري وكذلك من الهدف المناط بها!!
وبما أنه لدينا ما يزيد على عدد 150 ناديا رياضيا منتشرة على مستوى المملكة إلا أنه لا يوجد لدينا سوى عدد ضئيل جدا ومحدود من الأكاديميات الرياضية والتي لا يتجاوز تعدادها عدد أصابع اليد الواحدة، فكما هو معلوم لدى الجميع أن نسبة الشباب من تعداد السكان بالمملكة تتجاوز 60 بالمائة من إجمالي السكان، ويتضح من خلالها مقدار الفارق الكبيرة والهوة الشاسعة بين الحاجة وعدد السكان والتغطية.
ويمكننا القول: إن هناك بعض الأسباب التي من المحتمل وقوفها خلف ذلك الضعف لعل أهمها هو ضعف الجانب التسويقي وإبراز المزايا والفوائد التي ستشجع وتحفز الأندية والقطاع الخاص للدخول في شراكات من شأنها المساهمة في بناء وتأسيس هذه الأكاديميات بل ودعمها ماديا، فكما هو معروف أنه لابد لنجاح أي مشروع من توفر الدعم المادي المستمر إلى أن يصل إلى مرحلة من القوة والملاءة يستغني بها عن ذلك الدعم ويبدأ في جني الأرباح أن كتب له النجاح.
ومن جانب آخر فيما يخص التمويل المادي لابد من دخول أطراف ممولة بدعم مالي كأن يتم ذلك عن طريق برامج التمويل بالبنوك التجارية، بحيث تشجع تلك البنوك للمساهمة في دورها التنموي ومسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع من خلال تسهيل شروط القروض سواء للأندية أو للأكاديميات وفق آليات تضمن حقوق جميع الأطراف كما هو معمول به في برنامج كفالة الخاص بتمويل المؤسسات والمشاريع الصغيرة.
فالمال هو العمود الفقري لأي مشروع فإذا ما توفر القدر الكافي منه للبداية أعتقد أننا سننطلق في هذا المشروع المميز فمن خلاله ستستطيع الأندية بناء مقرات لتلك الأكاديميات واستقطاب أمهر الفنيين والمدربين والكفاءات الإدارية المؤهلة التي ستقود تلك الصناعة التي سينعكس أثرها على الرياضة بالمستقبل القريب لان التأسيس السليم والمبني على أسس علمية لصناعة اللاعب الرياضي هو الهدف المنشود من تلك الأكاديميات.
بل وحتى المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال سيساهمون في نجاح تلك الأكاديميات الرياضية إذا ما توفرت لهم المزايا المناسبة التي تشجعهم على الاستثمار بها كما هو الحال في الكليات الأهلية العلمية والتي بدأت في الانتشار بصورة واسعة نظرا للإقبال الهائل عليها.
فالشريحة العمرية المستهدفة بتلك الأكاديميات واسعة جداً ومنتشرة في شتى أنحاء المملكة وبناء على ذلك فإننا بحاجة إلى عدد كبير من الأكاديميات يتجاوز العدد الحالي للأندية مجتمعة فهي مشروع تعليمي قبل كونه رياضيا، فكما صرح سمو الرئيس العام لرعاية الشباب بأن هذه الأكاديميات هي بوابة للعلم قبل العمل بحيث ستحرص على التعليم وجودته وفق تعاليم ديننا الحنيف ومن ثم التدريب على المهارات الرياضية.
أخيرا لابد من تضافر الجهود بين كل من القطاعات الرسمية من إدارات ووزارات والقطاع الخاص لتسهيل الإجراءات والتمويل المادي لدعم وإنجاح هذه الأكاديميات والمساهمة في انتشارها على نطاق واسع في جميع أنحاء المملكة، وليتحقق الهدف السامي الذي عملت من أجله بأن تكون الابن البار للرئاسة العامة لرعاية الشباب ولبنة أساسية في صناعة اللاعب الوطني المحترف والله الموفق.