للتأزيم آثار سيئة حيث يصل بالفرد والمجتمع إلى حالة من الإحباط واليأس والشك وعدم اليقين ،إن الانزلاق في هاجس التأزيم يعد مؤشرا خطيرا ومشينا في ثقافة الفرد وسلوكه وطباعه، كما أن الركون إلى التأزيم يفضي إلى عمى في بصيرة الفرد يبعده عن قواه وقدراته الذاتية ويسلمه لإرادة الشكوك والهواجس والضبابية والعتمة تجاه الأحداث وشؤون الحياة ومجريات الأمور الأخرى،
إن المأزمين يبحثون دائما عن ثغرات صغيرة ليحولوها إلى ثغرات ذات أحجام كبيرة قصداً وعمداً وعنوة حتى يتمكنوا من تمرير مسرحياتهم ونصوصهم التي قد تصل حد الخرافة في كثير من الأحيان،إن المأزمين ومعهم أذرعتهم وأعوانهم وأبواقهم ومطبلوهم وراقصوهم ومريدوهم يستغلون كل عوامل الضعف وسائر المشاكل السياسيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والتعليميَّة والاقتصاديَّة، ومن ثم يختارون لحظة معينة لإطلاق تأزيمهم كفزاعة وهمية لتحقيق أهدافهم وغاياتهم وأمانيهم ومخططاتهم التي رسموها ووضعوا إستراتيجياتها بحرفية متناهية بمقدار حدود الذكاء والفطنة، إن المأزمين تخصصوا في تأزيم الأجواء وتسميمها، وفق جزيئات جامدة وصغيرة وقد تكون أقرب إلى العدمية والوجود، إن المأزمين كثيراً ما يتحدثون بفظاظة ويتمنطقون بجلافة ويصدحون كثيراً خارج السرب والمنطق، ويمارسون كلاماً هلامياُ،وحديثاً بهلوانياً،ويحاولون أن يصبوا فوق الرؤوس الحمم، يطيرون الناس ويصيبونهم بالشؤم والصداع واليأس والوجع،ويرسمون لهم الدمامة والبشاعة والهلع، ويضعون تحت وسائدهم دبابيس ومسامير وإبرا.إن التأزيم الكلامي والهرطقة الفكرية ومشاريع العبث اللغوي الذي يقوم به هؤلاء المأزمون يحز في النفس، ويدمي القلب، ويسلب من العين النعاس، لقد اقترنت مشاريعهم برغبات وأهداف وتطلعات غير واضحة وبها خلل وعوج وتعقيد، وتنطوي على العديد من الإشكاليات المتباينة، وربما بالسذاجة والخديعة، ومحاولة كسب التصفيق والمدح والإشادة والقاعدة والجمهور ليس إلا،إن المبالغة في التأزيم للأشياء والأحداث يعد مأزقا أخلاقيا وتربويا ورداءة في القول والعمل لكونه إيغالا في التصورات المخيفة التي تؤدي إلى الربكة والفوضى والانكماش وفق رؤى سلبية منحدرة من ثقافة غير عاقلة ولا مدركة وليس عندها وعيا ولا مخيلة ناضجة ولاشعورا بالمسؤولية الفردية والجمعية والوطنية، لقد أثبت الواقع من خلال كم هائل من الوقائع والمرئيات، إن المأزمين ينهجون نهجا منفلتا غير منضبط ولاعاقل وليس له أسسا متينة وتشوبه كثير من الأهداف والمقاصد والتطلعات الأنانية الصرفة البحتة، والمأزمون لديهم هوس تفخيمي للأشياء، لا ينشدون ولا عندهم غاية نظيفة في الفعل والعمل، بقدر رغبتهم في زرع الخوف والرعب والظلمة الحالكة في النفوس واللجوء إلى رسم التهويل والنفخ في مزامير الأوهام وصناعة كوابيس مرعبة يحاولون بها أن يقتلوا في الناس القدرة على رؤية اأشياء للواقع المعاش، ويغتالون فيهم روح الإبداع والابتكار والتطلع نحو حياة يؤطرها النجاح والركض والتحليق، إن للمأزومين عوامل نفسية سيئة، وغايات رديئة، وتفكير كارثي،واكتئاب وتوتر وهذيان تطلعي وشعور انتفاخي، ولا عندهم تبين أو تفريق بين الرشد والضلال والغي، إن حساباتهم خاطئة، ومعادلاتهم سقيمة، ورهاناتهم خاسرة، وأعمالهم لا تؤدي إلى أي نتائج إيجابية قدر ما تؤدي إلى نتائج سلبية غاية في قبح القول ودمامة الفعل ورداءة المنطق وعتمة التفكير وقصور المسؤولية وركاكة الخطاب وسوء في القصد والغاية، إن على المأزمين أن يدركوا أن الحقيقة دائما تصارع الزيف والبهتان وتصرعه بقوة عجيبة دون أن تخوض في الأوحال والمستنقعات.إن على أصحاب المشاريع المأزومة ذات الأهداف الرمادية اللانبيلة أن يكونوا أكثر عقلانية وتأكدا وفهما للحقيقة والتاريخ والساعة والواقع، لأنهم حينها سيكونون أكثر نفعاً وأقوم فكراً وأصوب تقويماً، وليعلموا بأن الزيف والخداع المبني على المصالح الشخصية والفئوية القصيرة والصغيرة والآنية مجرد سراب في نهار قيظ، وهي دليل الهزيمة والانكسار والفضيحة، ونقيض الجمال والعدالة والتسامح، ولن تستطيع كل المشاريع التافهة، والأفكار المعتوهة،والأطروحات القاصرة،والأحاديث الباهتة التي يمارسونها، بث سيطرتها على معنى الحياة الحادثة، ومرتكزات العصر والواقع مهما بلغت من حدة في الصوت، وجبروت في القول، وتهويل في الحدث، وتضليل في الرأي، وتشكيك في المبادئ والقيم، ومحاولة تضخيم الأشياء كلها.