توفي قبل أيام أرييل شارون، الجنرال، والسياسي الإسرائيلي الشهير، وهي شهرة قد لا يطمح لها أحد، عدا المتطرفين اليهود (الصهاينة)، فهو - حتى في مقاييس اليهود المعتدلين - يعتبر شخصاً نشازاً، أوغل في التطرف، وسفك الدماء لمدة طويلة، وقد ولد شارون في فلسطين، عندما كانت تحت الانتداب البريطاني، ووالده، ووالدته من اليهود الأشكناز، فوالده من بولندا، وأمه من روسيا، وقد هاجرا إلى أرض الميعاد، قبل ولادته، ولم يكد يبلغ العاشرة من العمر، حتى انضم لإحدى الحركات الصهيونية الناشطة في فلسطين!! وقد اشتهر بالجرأة، والعنف، ثم واصل مسيرته العسكرية لعقود، وخلال كل تلك المدة، كان أحد أشهر الجنرالات الذين خاضوا حروب إسرائيل، ونال شهرة واسعة، ومكانة سياسية معتبرة، نظير خدمته العسكرية.
وبلغ التطرف بشارون درجة أن نتنياهو، وهو من هو في تطرفه، يعتبر شخصاً مسالماً مقارنة به!! أما بيريز، وأولمرت، وايهود باراك فهم حمائم سلام! وقد ارتبط اسم شارون بأحداث مؤلمة، ودموية، فلا يمكن أن ينسى المتابع اجتياح بيروت، في عام 1982، والمذابح التي تمت حينها، تحت إشرافه مباشرة، وهي ربما تعتبر، رغم بشاعتها «مزحة»، مقارنة بتاريخه، منذ أيام الهجانة، وما تلاها، وكما تعلمون فقد كانت وفاة شارون حدثاً مؤلماً لزعامات الغرب، فقد سارعوا برثائه، بكل ما تحمله القواميس من لغة باكية، وكان أوباما، كالعادة، هو الأبرز في ذلك، تلاه كاميرون، ومستشارة ألمانيا، وبقية الزعامات الغربية، المهمومة بنشر قيم العدالة، والحرية، والديمقراطية، وأنتم تعلمون أن شارون يعتبر واحداً من أبرز دعاة السلام حول العالم!
ومع كل ذلك فإن شارون كان مخلصاً لقضيته، ولم يساوم في سبيلها، وهو رمز لعتاة التطرف في إسرائيل، ولذا لم يكن مستغرباً ذلك الحزن العميق الذي كان عليه قادة حزب الليكود، وحزب كاديما، أما حمامة السلام بيريز فقد رثى شارون، وهو يغالب دموعه، ولم ينافسه في ذلك إلا مذيعو القنوات الغربية، فقد كاد بعضهم أن يبكي على الهواء، بل إن مذيعة السي ان ان قاطعت ضيفاً فلسطيناً كاد أن ينتقد شارون على استحياء، ولمَ لا، فهذه المذيعة، وغيرها من مثقفي الغرب يعلمون أن «ايباك» تتابع نعي شارون عالمياً، بدقة متناهية، وتسجّل ملاحظاتها بالقلمين الأزرق، والأحمر!