هناك اتفاق على أن المعلم بجانب المنهج والبيئة المدرسية يشكلون الأركان الأساسية لتطوير التعليم. نركز في هذا المقال والذي سيليه على طرح بعض آليات تطوير المعلم بدءاً من تطوير أدائه المهني ونظامه الوظيفي وانتهاء بتطوير حياته الاجتماعية، مع الاعتذار لتكرر أفكار سبق أن طرحناها ونعيدها لاعتبارات التجديد الحاصل في قمة هرم وزارة التربية والتعليم.
هناك ثلاثة مكونات رئيسة للتعلم ألا وهي المعارف والمهارات والسلوكيات وقد تعورف على أن التعليم الجامعي يغلب المعارف على المهارات، بل إننا نعتقد أن أحد مآزق التعليم التربوي لدينا هو التعامل مع مهنة التدريس لزمن طويل في كلياتنا التربوية على أنه تخصص معرفي أو نظري وبالتالي لم يتم التأكيد على الممارسة العملية والتدرب عليها ولم يتم التأكيد على السلوكيات المطلوبة في المعلم بقدر ما تم التركيز على تعليم التخصص كعلم نظري.
وحتى في الحالات التي أوجدت فيها مواداً تطبيقية لم يتم استخدام أفضل السبل لتعليم التدريس كمهنة وإنما بقي التطبيق أمراً هامشياً أو مكملاً في المنهج.
بمعنى آخر هناك ضعف في تعليم التدريس كمهنة تطبيقية بما تحويه من مكونات في كيفية شرح المادة وكيفية التقييم والقياس والتعامل مع الطلاب وتصميم المنهج واستخدام أساليب متنوعة لنقل المعلومة وغير ذلك من المهارات.
من هنا لا بد أن تأخذ وزارة التربية والتعليم زمام المبادرة في هذا الشأن وعدم الاعتماد على الجامعات والكليات التربوية في مسألة كونها ستقوم بتخريج معملين ناضجين قادرين على الإبداع في العملية التعليمية دون مزيد من التدريب والصقل.
وزارة التربية عليها أخذ مسألة التدريب والتطوير المهني المستمر لمعلميها وإدارييها بشكل جدي سواء كانوا حديثي التخرج أم قدماء يحتاجون إلى تطوير على رأس العمل.
وحتى لا يأتي من يدافع بأن ذلك قائم فعلاً نشير إلى عدم إنكار قيام وزارة التربية والتعليم بتنظيم بعض الدورات للمعلمين والإداريين، أو إرسال قلة منهم جداً إلى دورات خارجية أو محلية، لكنها دورات متناثرة وغير منتظمة ضمن برنامج تطويري مرتبط باحتياجات و بمستويات ورتب المعلمين والمراحل التي يدرسونها.
مستقبلاً سيكون هناك رتب المعلمين وربما يكون من شروط الانتقال من مستوى لآخر الحصول على عدد محدد من مواضيع وساعات التدريب.
بناء على ذلك أكرر مقترح إنشاء معهد التدريب التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم لتكون عملية التدريب والتطوير مبنية على أسس علمية يتولاها مؤسسة متخصصة ذات نظام مؤسسي واضح.
فكرة إنشاء معهد للتدريب التربوي سبق أن طرحتها أكثر من مرة - يمكن تسميته المركز- وقربت فكرته بما يشابه معهد الإدارة وسيكون لديه مهمة تدريب نصف مليون معلم ومعلمه وإداري وإدارية في الجوانب التربوية للمعلمين والمعلمات على رأس العمل.
مثال التدريب على طرق التدريس، طرق الاختبارات، مهارات الاتصال، القيادة التربوية، مهارات التعليم في مختلف التخصصات، إعداد المناهج، وسائل وتقنيات التعليم الحديثة، الخ.
بل يمكن لهذا المعهد أن يصبح ذراعاً علمياً وبيت خبرة لوزارة التربية في مجال تقديم الاستشارات والدراسات والترجمة في مجال تخصصه، كما هو حاصل بالنسبة لمعهد الإدارة في مجال الخدمة المدنية.
وفي المستقبل ربما يكون له فروع بمختلف مناطق المملكة الكبرى بقسميه الرجالي والنسائي.
في مقال قادم نطرح فكرة تطوير المعلم عبر دعمه اجتماعيا.