ستظل قضايا تطوير المناهج الدراسية وإثراء الجوانب الابداعية في حياة الطلاب قائمة ما بقي التعليم والقائمون عليه.. وذلك لأن التعليم مرتبط ارتباطا مباشرا بتقدم الأمم وتطور الانسان وتحسن مستوى حياته.. لذا ظلت قضايا تطوير قطاع التعليم في عقل وهاجس كل من يؤمن بمشروع استثمار الانسان, ورفع جودة معيشته وحضوره العالمي بين الشعوب.. ولا يخفى على احد ان التعليم في السعودية وتحديدا المناهج والقيم والمهارات التي يتعلمها الطالب المدرسي, لازالت بأمس الحاجة الى «النفض» والتحسين الجاد المقترن بورش عمل وإحصائيات ودراسات حثيثة عن واقع التعليم اليوم ومدى تلبيته لاحتياجات الحياة العملية خارج اسوار المدرسة ومواكبته للتقدم التكنولوجي المخيف الذي يشهده بنو آدم كل يوم.
ومن أبرز الاحتياجات التي لاحظتها من خلال زيارة خاطفة لي الى صالون التجميل او ما يشتهر «بالمشغل» الذي تلجأ له غالبية النساء السعوديات عند «أصغر» او أكبر مناسبة تدعى لها، هو غياب المهارة اليدوية في أنامل المرأة السعودية التي جعلتها تلجأ الى مهارة وحرفية بعض الجنسيات الآسيوية او العربية كحل اول وأخير على الرغم من الارتفاع الصارخ غير المنطقي في اسعار خدماتهم.. لذا اصبح من الضروري والملح ان يتم تقديم هذه المهارة الانثوية في مناهج البنات كمادة أسبوعية تحت مسمى (الصحة والجمال) تقدمها فتيات سعوديات حاصلات على دورات تدريبية وشهادات موثقة في هذا المجال, تكون ذات محتوى ممتع وخفيف يجذب انتباه الطالبات، ويُعنى بتقديم نصائح ومفاهيم عن الاهتمام بصحة الجسد والبشرة والشعر, من خلال أساليب حديثة ممزوجة بالجانب النظري والعملي، كما وتعلم تقنيات خاصة بالمكياج وتسريح الشعر بطرق احترافية تضمن المحافظة على غريزة المرأة المتوهجة عبر الأزمان في الحفاظ على جمالها وطلتها وأنوثتها، كما وتكفل تطوير مهاراتها اليدوية وذكائها الحرفي، ما يقلل من اعتمادها شبه الكامل على غيرها أحيانا في الحفاظ على تألقها الذي تستحقه.
وما الإقبال الهائل على حسابات خبيرات التجميل وأخصائيات الرشاقة والبشرة في مواقع التواصل الاجتماعي -انستقرام تحديدا- إلا دليل دامغ على الشح الشديد في المعلومة التجميلية والطلب المستمر للحصول عليها والاستفادة منها, فعند دخولك الى حساب احدى هؤلاء المختصات في ذلك المجال ستجد آلاف التعليقات بل وحتى الأسئلة الحائرة والمتعطشة الى الحصول على المعلومة على الرغم من بساطتها وبديهيتها أحيانا.
وقد شهدت المدارس لسنوات طويلة مادة أسبوعية بعنوان «التدبير المنزلي» وتنقسم الي شق الخياطة وشق المطبخ, ولكن عدد كبير من المدارس استغنى عنها لأسباب مختلفة منها تقلص الحاجة اليها وضعف وقعها على الحياة العملية للطالبات في حين تصاعد الحاجة والطلب على الاهتمام بالصحة والجمال.
لا أدري لم أشعر احيانا ان الأنثى كمفهوم وقيمة وروح غائبة بل مغيبة عن مناهجنا وتعليمنا السعودي، وحفاظها على انوثتها وجمالها وقوتها يصنف كتهمة أحيانا، إذ نجد أنها محرومة من ممارسة الرياضة، ومن وجود مرايا في بعض المدارس!، ومغيبة ذهنيا عن قيمتها وثقلها الإنساني في الوجود كأنثى وكمرأة تلعب أدوارا مختلفة وحيوية في الحياة.
أخيرا قد يعتقد بعض الرجال ان هذا المقال ومطالبه يصب في مصلحة المرأة فقط، لكن الحقيقة هي ان الرجل قد يكون أول المستفيدين من تنور المرأة في هذا المجال، حيث إن اكتسابها لتلك المعلومات الاساسية ومن ثم تطبيقها في الحفاظ على جمالها وحضورها سينعكس على ثقتها بنفسها وسعادتها التي سينال الرجل منها أكبر النصيب لو يعلم!.