الحفاظً على الهوية الثقافية..
تعرف الهوية أو الذاتية الثقافية بأنها: «الطابع القومي للشخصية ونمط الحياة السائد في مجتمع معين والمرتبط أساساً بتراث مشترك من اللغة والتاريخ والدين والتقاليد والمتفاعل مع غيره من الطوابع القومية تأثيراً وتأثراً».. وعليه فإن الهوية الثقافية هي نحن اليوم وما نريد أن نكون عليه غداً ولا يختلف اثنان على أن التعليم سلطة سياسيةً مجتمعية وهو أهم الأوعية التي تصاغ فيها الهوية الثقافية وقد عملت وزارة التربية من خلال مشروعها الأساسي (مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم) على وضع رؤية للتعليم العام تنص على الآتي:
«تخريج طالب يحقق أعلى إمكانياته، ذي شخصية متكاملة، مشارك في تنمية مجتمعه، ومنتٍم لدينه ووطنه، من خلال نظام تعليمي عالي الجودة».
هذه الرؤية حلم متناهي الجمال والروعة إذ تتحقق من خلالها ملامح جيل قادم ينطلق من العقيدة الصافية المستندة على السلف الصالح.. ومن خلال إدراك قيمة الإنسان بوصفه مكلفاً لإعمار الأرض والتعايش مع البشر وحضاراتهم والاستفادة من المنجز البشري المتراكم والإضافة عليه.
لكن للأسف هذه الرؤية لا يعرفها إلا القليلون ولم تنشر بالدرجة الكافية حتى تصبح نهجاً لكل مدير ومعلم يسير نحوه ويتخذ التدابير للوصول إليه.
الحفاظ على الهوية الثقافية لا يقل أهمية عن المحافظة على الجينات الوراثية وأخطاء اليوم تدفعها الأجيال غداً، فكل عقدين من الزمان تتشكل ملامح جيل مختلف حسب مارسم له.
وعلى وزارة التربية أن تسعى مع الجهات ذات العلاقة لتحديث وثيقة سياسة التعليم التي انقضى ما يقارب نصف قرن على إصدارها.
لابد من إحداث التغييرات المواءمة حتى لا تتحول وثيقة التعليم إلى نص مقدس يزاحم النصوص القرآنية.
فتحديثها بعد نصف قرن هو من الأمور المندوب إليها خوف استحالتها إلى نص مقدس فبعض التربويين يقيمون مدى التزامك بدينك بكونك مع تغيير سياسة التعليم أو الإبقاء عليها وفي هذا مؤشر خطير على تقديس وتنزيه أعمال البشر.
التحديث ضرورة ملحة بما يحقق رؤية المجتمع والدولة الحديثة ويحفظ الهوية الثقافية السمحة والنقية والمتصالحة مع ذاتها والمتعايشة مع مختلف الناس والأجناس.
ثمة اشتراط حدده الله تعالى لتحقق التعلم:{وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} (282) سورة البقرة.. هنا شرط التقوى واضح لتحقق العلم، والتقوى ليست مظهر إنها جوهر تجعل الإنسان صاحب قيم لا يتنازل عنها والقيم تمنح الإنسان قوة ومنعة؛ ماذا نريد لأبنائنا، أي أسرة سعودية ما هو حلمها تجاه أبنائها.
كلنا نريد لهويتنا الثقافية أن تبقى وألا نكون مسخاً لاملامح لنا تميزنا. الدين واللغة ورائحة الأرض والطموح والإقبال على الحياة، وحب الناس بمختلف جنسياتهم هي سماتنا التي فقدنا بعضها حين انغلقنا.
عملنا منذ سنوات على استعادتها لكننا اليوم نريد أن نناضل من أجلها كما تناضل الدول والمجتمعات المتحضرة مثل فرنسا وألمانيا وفنلندا والصين واليابان كل دولة من هؤلاء لها لون وطعم ورائحة خاصة لا تجدها إلا فيها إنها الهوية الثقافية.
ويتطلب الأمر من وزارة التربية حتى تبقي لنا ولوطننا هويته الثقافية العمل على الآتي:
1- بث رؤية إستراتيجية التعليم وجعلها متاحة ومعروفة لدى كافة شرائح المجتمع.
2- العمل الجاد على تحديث وثيقة سياسة التعليم بما يحفظ الهوية الثقافية الحقيقية للمجتمع ويجعل التعليم ملزماً منذ الطفولة المبكرة وتخليصها من مواضع الأخونة مثل نظرتها (للجهاد) ونظرتها (للمرأة).
3- التركيز في الأنشطة الدينية على الممارسات الحياتية الإيجابية المبنية على التطبيق الفعلي لسيرة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم للأخلاق والقيم وتصورات الكون والحياة والتخلص من تقديس الدعاة وتلميعهم.
4- جعل اللغة الإنجليزية مادة نجاح ورسوب منذ الصف الأول ابتدائي.
5- الاهتمام بالرياضيات والعلوم وجعلها مكثفة لتأخذ ثلثي اليوم الدراسي.
6- الاهتمام بتطبيق سياسات التعليم المتعلقة بمواد الدين الإسلامي واللغة العربية والتاريخ وجعلها فرضاً على المدارس الأجنبية والأهلية والجاليات أيضاً.
7- الاهتمام باللغة العربية وتراث المناطق والأنشطة الرياضية لكلا الجنسين.
8- إشاعة الفرح والبهجة في المدارس والتسامح والمحبة والتآلف والتعايش.
9- غرس الانتماء الوطني والتركيز على إعمار الوطن ونمائه والتقليل من شعارات الأمة والعالم.
10- التركيز على المشتركات التي تحقق الوحدة الوطنية وتحافظ على الهوية الثقافية.
سدد الله الجهود.