تأخر كثيراً - وزير الخارجية الأمريكي - جون كيري، حين قال في مؤتمر صحافي عقب اجتماعات مع نظيريه - الكندي والمكسيكي -: «نحن نستعد للذهاب إلى جنيف، والدخول في هذه العملية. أعتقد أنه أصبح واضحاً، إنه لن يكون هناك حل سياسي ما لم يناقش الأسد انتقالاً سياسياً، وإذا ظن أنه سيكون جزءاً من هذا المستقبل، هذا لن يحدث»، فمن حيث المبدأ إذن، يمكن أن تساهم مبادرة جنيف 2 في إنهاء حكم النظام الأسدي، - سواء - على مستوى الخطاب، أو على مستوى الفعل، كونها تسعى إلى تحقيق مبادئ إعلان جنيف لعام 2012 م، والتي تقوم على أساس خطة النقاط الستة، التي أعلنها كوفي عنان في مبادرته المعروفة، والتي لاقت دعما أمميا من خلال قراري مجلس الأمن رقم 2042 م، و2043 م.
أمام مستقبل الائتلاف، وحسابات الكبار، فإن الشعب السوري لا يريد خلطا للأوراق، وتعميق حرب الاستنزاف من جديد، أو انخراطه في عملية سياسية تطول فصولها، ونتائجها، - وبالتالي - إرجاء الاستحقاقات الآتية، - خصوصا - وأن المرحلة القادمة، تعني الإعداد لمرحلة ما بعد النظام، وفتح الباب أمام العملية السياسية، وتحجيم العنف، والتطرف، والجرائم الطائفية، والوقوف صفا واحدا أمام آفاق مستقبل الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط.
إن الإعداد المطلوب للتعاطي مع ملف جنيف 2، يقتضي إعادة ترتيب الأوراق في أكثر من مجال، - لاسيما - وقد نضجت الظروف لصفقات قادمة على المستوى السياسي، ومن هذه الأوراق على سبيل المثال: خلق جبهة داخلية متماسكة للائتلاف، وذراعه العسكري؛ لأن الانقسام يعني استقواء الخارج عليها، واستقواء بعضها بالخارج.
والعمل - كذلك - على الاتفاق على ميثاق وطني مشترك، يشكل قاعدة الارتكاز؛ لبناء سوريا من جديد.
في هذه اللحظات الأصعب في تاريخ سوريا؛ ولأننا أمام منعطف أساس مع انعقاد مؤتمر جنيف 2، فإن على الإرادة الدولية أن تبحث عن حل سياسي، ينهي الصراع العسكري الدائر في سوريا، وتضييق الفجوة بين المصالح الوطنية للثورة، والمصالح الإقليمية، والدولية، بدءا من المطالبة بتحديد جدول زمني لانتقال السلطة بكاملة الصلاحيات، ومرورا بالعمل على صياغة دستور جديد، وانتهاء بالوصول إلى انتخابات محلية، وبرلمانية، ورئاسية متزامنة، وتحت رقابة دولية.