في السايكولوجيا يعرف الإيحاء ( AFFIRMATION) بأنه التأثير على معتقدات شخص أو سلوكه من غير الاعتماد على الاقتناع أو الأمر أو الإجبار بتكوين اتجاهات معينة أو بتقوية اتجاهات قديمة أو بإثارة استجابات كامنة ومن غير تفكير كبير من جهة الشخص الموحى إليه.
وترتكز قابلية كل إنسان للإيحاء على مدى تجاوبه مع فكرة معينة تقدم إليه من الآخرين، أو يفكر فيها في داخله.
وللإيحاء دور رئيسي في الحياة اليومية للبشر فكثير من المعتقدات والاتجاهات والأفكار التي يحملها الإنسان في داخله ماهي في الحقيقة إلا إيحاءات صدرت من جماعة الدعم الأولي (الأسرة) أو من زملاء العمل أومن المدرسة أو من وسائل الإعلام أو من الأصدقاء أو الأقارب وغيرهم ثم يتم الاقتناع التام بها والامتثال لها.
وعند تعاملي مع ذوي التوحد بشكل كبير أجد أن هناك نسبة لايستهان بها من مدى قابلية ذوي التوحد للإيحاء، فعند تعاملنا مع المصابين باضطراب التوحد فهناك قناعات أساسية علمية لم يثبت حتى الآن مايناقضها وهي أولا:- أنه ليس هناك علاج يشفي من اضطراب التوحد ,ثانيا:- الحمية الغذائية الخالية من الجلوتين والكايزين تناسب بعض الأطفال وتؤدي إلى نتائج جيدة جدا وذلك بعد عمل التحاليل المناسبة ويتم عمل ذلك من قبل الطبيب بشكل دقيق جدا، وهناك أطفال مصابون بالتوحد لايتبعون حمية غذائية ومستوى الانتباه والتركيز ومستوى التواصل البصري لديهم جيد جدا بل واستجاباتهم أثناء التدريب والتأهيل في تحسن. ثالثا :- العلاج بالأكسجين عالي الضغط للمصابين باضطراب التوحد لم تثبت فعاليته على جميع المصابين بالتوحد فهناك حالات لم تخضع لهذا النوع من العلاج وهي في تحسن وهناك حالات خضعت له وتحسنت وهنالك حالات خضعت له وازدادت حالتها سوءا.
عندما نتعامل مع حالة مصابة بالتوحد فيفترض أن نفكر خارج الصندوق وليس داخله كما نتعامل مع الطفل غير المصاب بهذا الاضطراب فعلى سبيل المثال يعاني العديد الأطفال المصابين باضطراب التوحد من مشكلة في الحواس سواء بالزيادة أو النقص وهذه المشكلة قد لا تفهم بالشكل المطلوب من قبل الأهالي فمثلا بعض الحالات يكون إحساسها بالألم منخفضا جدا عن إحساس الشخص العادي، أيضا تعاني بعض الحالات من زيادة الإحساس للضوء أو الصوت أو يكون إحساسها منخفضا لهذه المثيرات مقارنة بالشخص العادي. فبعض الأمهات تبدأ في تجريب طرق ترى بأنها قد تنفع مع طفلها أو طفلتها المصابة بالتوحد سمعت عنها من قبل أمهات أطفالهم مصابين بأمراض أخرى تختلف في ماهيتها عن ماهية اضطراب التوحد ولكن الأم كانت قابلة للإيحاء واقتنعت وعممت هذه التجربة على حالة أو وضع طفلها أو طفلتها، فعلى سبيل المثال تجربة الحجامة كعلاج مع المصاب بالتوحد وهذا خطأ كبير وفادح, أيضا العديد من الأمهات تبدأ في تشغيل القرآن في وجود طفلها المصاب أو طفلتها فيبدأ بالهدوء والسكون والدخول في مرحله النوم وهذا شيء طبيعي فكثير من الأشخاص لا ينامون إلا عند تشغيل القرآن فيدخلون في مرحلة النوم تدريجيا ولكن في حالة الأم القابلة للإيحاء فتبدأ تراودها أفكار بأن طفلها أو طفلتها مصابة بمس شيطاني ولقد وقفت على العديد من الأمهات اللاتي لديهن مثل هذه الاعتقادات.
في الوقت الحاضر تقوم وسائل الإعلام بمختلف أنواعها المسموع والمرئي والمقروء منها بدور كبير وملموس في التوعية والتثقيف ولكن نعول عليه بأنه قد يشوب ما تقوم به من بعض القصور وقد يكون بحاجة إلى تنظيم أكثر فلذا نحن بحاجة إلى تكثيف التوعية والتثقيف بخصوص هذا الاضطراب النمائي الحاضر في أذهان بعض شرائح المجتمع والغائب تماما عن أذهان بقية شرائح المجتمع الأخرى. ودمتم بود..