لا تخلو المجالس أحياناً، ومنها مجالس الشعر، من بعض ما يُروى ولا يحسن تدوينه أو نقله لمنابر الإعلام؛ إما لرداءته، أو عدم مصداقيته، أو اشتماله على ما لا يليق تداوله لمساسه المباشر بما يجرح الذوق العام، أو مما يمكن أن يحدث فتنة، أو يحيي ضغينة، أو يتناول عِرضاً أو خلقاً لأفراد أو جماعات دون مراعاة لمشاعر أحد؛ إذ يتراجع في بعض المجالس هاجس الحذر مما يُطرح؛ إما لظن المتكلم أنه في مأمن من العقوبة والمحاسبة، أو الاستهتار أو التهور وعدم تقدير نتائج ما يُقال.
وربما انتقلت تلك الممارسات إلى منابر الإعلام لو أن الأنظمة كانت أقل محاسبة وأكثر تسامحاً مع من يخطئ بحق أفراد أو جماعة.
ولكن المستغرب أن يتناول بعض السطحيين من ذوي الأفكار الضحلة العفنة، من الباحثين عن الأضواء والشهرة، ما يمس العقائد والثوابت والمسلَّمات الشرعية بكل صفاقة وجرأة؛ لعلمهم أن المحاسبة ستكون أقل مما يحدث لو تناولوا سيرة أحد ما!
وقفة لأبي تمام:
إذا جَارَيْتَ في خُلُقٍ دَنِيئاً
فأنتَ ومنْ تجارِيه سواءُ
رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي
ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ
يَعِيش المَرْءُ ما استحيَى بِخَيرٍ
ويبقى العودُ ما بقيَ اللحاءُ
فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ
ولا الدُّنيا إذا ذَهبَ الحَياءُ
إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي
ولمْ تستَحْي فافعَلْ ما تَشاءُ
لئيمُ الفعلِ من قومٍ كرامٍ
لهُ مِنْ بينهمْ أبداً عُوَاءُ