مَنْ مِنْ مصلحته أن يملأ الساحات بأخبار عن براءة أو إدانة متهمي مطاردة اليوم الوطني، قبل أن يصدر الحكم عليهم؟! من من مصلحته أن يبث تصريحات عن متهم سابق، ينصح المتهمين الحاليين نصائح ستنفعهم، كما نفعته؟! لا بد أن هناك من سينتفع من حالة البلبلة التي يعيشها الناس اليوم، والتي جعلت من المتهمين مدانين مرة، وأبرياء مرة أخرى، في ظل صمت مطبق من المعنيين بمحاكمتهم، وفي ظل تصريحات متواصلة من أعلى سلطة في منطقة الرياض، بأن القضية لا تزال تحت النظر.
إذاً، الموضوع أكبر من متهمين اتهموا في مقتل شابين. الموضوع فيما يبدو يمس مصالح فئات، تجد في ضرب شرائح المجتمع ببعضها، أفضل السبل لتمزيق وحدته الوطنية وهويته الإسلامية الوسطية.
اليوم، نحن نعيش، كمسلمين وكعرب، في سفينة وسط أمواج عاتية. ولهذا، فإن هذا الوقت هو أفضل الأوقات، لتنفيذ سيناريوهات التفرقة والتهييج، وإن لم نعِ الأمر وعياً شرعياً ووطنياً، فإن من السهل جداً، الوقوع ضحايا لهذه السيناريوهات. مرّة رجال الهيئة، ومرّة التحريض على الجهاد، ومرّة دخول الأسواق، ومرّة الابتعاث للخارج، ومرّة قيادة المرأة للسيارات، ومرّة المناهج، ومرّة الجمعيات الخيرية، وغيرها من القضايا، التي من حق الجميع أن يختلفوا عليها، وهذا أمر صحي. لكن أن يلعب من يلعب من وراء الستار، لتهييج الناس ضد الوحدة الوطنية، تحت شعار المصلحة الشرعية العامة، فهذا ما يجب عدم السكوت عنه. يجب على الجهات الحكومية المعنية أن تتحلّى بالمزيد من الشفافية، وأن تكون بحجم المسؤولية المناطة بها، وألا تفتح الطريق بلا مبالاتها للعابثين أن يعبثوا بأمن الوطن.
الوطن ليس ملكاً لمسؤول كسول لا ينظر لأبعد من أنفه، ولا يهمه إلا مصالحه ومكتسباته. الوطن ملك لأجيال شابة تبحث عن كينونتها تحت لهيب الشمس.