أضحى العنف أحد أهم الحقائق في العراق - اليوم -، وأصبح العراقيون يعيشون حالة القلق، والحيرة إزاء هذه الآفة الخطيرة، عندما غدت القضية الطائفية هاجسا مؤرقا للشعب العراقي؛ ولأن وتيرتها قد ارتفعت حدتها - خلال الأيام الماضية -، فقد سجل شهر يناير - الفائت - سقوط أكثر من ألف قتيل؛ ليصبح بتلك الحصيلة الأكثر دموية - منذ 4 سنوات -، - وتحديداً - منذ أبريل 2008 م، بحسب أرقام رسمية نشرت - قبل أيام -. ودلت بيانات جمعتها وزارات الصحة، والداخلية، والدفاع، أن : « 1013 شخصاً، منهم 795 مدنياً، و122 جندياً، و96 شرطياً قتلوا نتيجة العنف».
ويذكر أن هذه الحصيلة، أكبر بثلاثة أضعاف من تلك المسجلة - في الفترة نفسها قبل عام-.
إن طغيان المصلحة الطائفية، وتعميم الفكر المذهبي، زاد من الهوة بين أطراف شرائح، ومكونات المجتمع العراقي؛ فلجأ صناع السلطة، وميليشيات النظام إلى الإفراط في استخدام القوة، والعنف؛ لتحقيق غايات بعض أفرادها بأسلوب غير شرعي، ولا عقلاني، ولا إنساني، وعملوا على هدم مؤسسات المجتمع المدني؛ ليتحول مخططهم في نهاية الأمر إلى فشل المشروع الإصلاحي، والذي سعت إليه الحكومة العراقية - مع الأسف -.
لا يمكننا بحال، أن نفصل العنف السياسي عن العنف الطائفي، باعتبار أن حكومة نوري المالكي انتقلت من مرحلة الاستقطاب الطائفي إلى جرائم، ومجازر كبرى، ذهب ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء، إما عن طريق صرف الأنظار عن الاتجاه السياسي لطبيعة الصراع، أو من خلال اللعب بورقة الجماعات الإرهابية، حتى وإن ساهم النظام العراقي بوضوح في دعمها؛ من أجل تبرير سياساته القمعية.
إن البحث عن الخلفيات المسببة للعنف، والعمل على تجاوزها، سيحد من حالات تغيير التركيبة الديموغرافية، والتطهير العرقي الذي سيشهده العراق - لا قدر الله -، وذلك عندما تتحول التسويات السياسية إلى محاصاصات طائفية، وإثنية؛ لتسييس مكوناته الاجتماعية، والتي تعمل قوى إقليمية، ودولية على تغذيتها؛ لضمان مصالحها الحيوية.
من الضروري التوقف عند هذه الظاهرة مليا، وضبط نتائجها، واستشراف خلفياتها على مستقبل العراق، وتتبع الأسباب، التي أدت إلى انتقال العراق من حالة الاستقطاب الطائفي إلى مجازر يومية، كان ضحيتها آلاف المدنيين، والعمل على صياغة الأفكار الواقعية؛ لحلها بطرق أكثر عقلانية مما مضى.