موضوع الطلاق من أخطر الموضوعات الاجتماعية التي تشغل بال المصلحين من العلماء والمفكرين، والكتاب، وكنت أفردته بتأليف مستقل بعنوان: «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي، دراسة تشخيصية «.. تناولت فيه بالبحث والتقصي طبيعة الظاهرة، وحجمها، واتجاهاتها، وعواملها، وآثارها، وعلاجها.. كما أنني كتبت في ذلك مقالات كثيرة.
وإنما أوليت هذا الموضوع اهتماماً كثيراً كشأن غيري من الباحثين الاجتماعيين، لما للطلاق من آثار وتبعات كثيرة، لا تقتصر على المرأة فقط -كما يظن بعض الناس- بل إنها تشمل كلاً من الأولاد والزوج والمجتمع، فالطلاق يؤثر في مؤسسة الأسرة وترابطها، ومن المعلوم أن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع.
فمن المشكلات التي يعاني منها المطلقون: مشكلات نفسية مقارنة بحالاتهم قبل الطلاق، إذ يجدون أنفسهم وحيدين، ويشعرون بالإحباط وخيبة الأمل، والشعور بالمسؤولية عن انهيار بناء الأسرة. ومن مشكلات الزوجة المطلقة الشعور بضغوط نفسية بعد الانفصال، نتيجة نظرة المجتمع، وبسبب وجود الأولاد، وتحملها مسؤوليات فوق طاقتها.
أما الأطفال فإنهم أكثر الأطراف المتضررة من انهيار الأسرة، فقد يجد كل واحد من الرجل والمرأة ضالته في غير الذي كان شريكه، لكن الأطفال لن يجدوا مايعوضهم عن حنان الأم ورعاية الأب، فالطلاق يؤثر سلباً في تنشئة الأطفال, وفي بناء شخصيتهم السوية، وقد ينجرفون إلى ما لا تحمد عقباه، وكل ذلك كما تقدم يؤثر في بناء المجتمع، وتماسكه، وقوته.. وهذا يؤكد أن الطلاق يؤثر سلباً في الرجال, والنساء، والأطفال, والمجتمع.
ولاشك أن وضع الحلول لمشكلة الطلاق تستوجب التعرف على الأسباب، ورصد الظاهرة للوصول إلى الحل .. ومن هنا تنبهت وزارة العدل، فاتجهت إلى وضع (مؤشر الإحصاء) بغية الوقوف على أسباب الطلاق، ونسبه، وغير ذلك، مما سيؤدي إلى تطور الدراسات المستقبلية لظاهرة الطلاق، وقيامها على أسس علمية صحيحة.. وهذا البرنامج معمول به في عدة دول نظراً لأهميته.
والمأمول -بإذن الله- أن تنتهي وزارة العدل من هذا البرنامج وتطبيقه في جميع المحاكم بصورة دقيقة، حتى يتمكن الباحثون والدارسون من الاستفادة منه.. والله ولي التوفيق.