في أيلول سبتمبر 2011م، وُقّع اتفاق يتعلق بالمساهمات بين الأمم المتحدة والبعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة لإنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (المركز)، وتبرعت له السعودية بمبلغ مائة مليون دولار، وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء المركز وشجعت الدول الأعضاء على التعاون معه للقضاء على الإرهاب، ومؤخراً صدر قانون مكافحة الإرهاب في السعودية لوقف استدراج الشباب السعودي إلى ساحات القتال في كلٍ من سوريا والعراق وغيرهما من بلاد المسلمين التي أصبحت ساحاتِ تدريبٍ وقتالٍ في آنٍ واحدٍ، وعاجلاً أم آجلاً سيعود الأحياء من هؤلاء المقاتلين إلى السعودية وقد تلقوا قسطاً وافراً من التدريب على استخدام الأسلحة والمتفجرات وربما أصبح بعضهم خبيراً يستطيع تدريب الآخرين على القتال المسلح باسم الجهاد. وفي الإسلام تأتي كلمة الجهاد ضمن أوسع عشر كلمات في المعنى بعد التقوى والبر والإحسان، والجهاد كلمة تحمل معاني عديدة حسب السياق في الكلام، فهناك الجهاد بالنفس والمال والكلمة، وهناك جهاد هوى النفس، وجهاد الظلم والفساد، وهناك جهاد الدفع وجهاد الطلب والذي يجب أن يكونا بموافقة ولي الأمر كما بيَّن كبار علماء الإسلام، وأيضاً الكفاح والسعي واجتهاد المسلم في مختلف مناحي الحياة من الجهاد. وقد استطاع العالم الغربي تقييد معنى الجهاد بالقتال المسلح بما يخدم مصالحه، فبعد أن هزمت الجماعات الإسلامية جيش السوفييت وأخرجته من أفغانستان، اندلعت حروب بينها وادَّعت كل جماعة أن قتالها مع الأخرى جهاد في سبيل الله، فنظر العالم الغربي إلى كل الجماعات المتحاربة على قدم المساواة أثناء تصفية بعضهم بعضاً فسماها الحرب المقدسة وعرَّفها بـ(الحرب التي تحمل دلالات القتال الإسلامي المسلح)، فأصبح مصطلح الحرب المقدسة مرتبطاً بالجهاد الإسلامي ومتداولاً حتى دخول الأمريكان أفغانستان، عندها استبدل العالم الغربي مصطلح الحرب المقدسة بالحرب على الإرهاب، فاختلط الجهاد بالإرهاب وأخذ بعض علماء المسلمين يدعو جهاراً إلى الجهاد بالمعنى الذي عرَّفه العالم الغربي؛ فاستجاب الشباب إلى تلك الدعوات التي تحمل دلالات القتال الإسلامي المسلح. والخلط بين الجهاد والإرهاب فخ صنعه العالم الغربي وقع فيه بعض علماء المسلمين فأنساق خلفهم كثير من الشباب ثم تكرر وقوع العلماء أنفسهم وأتباعهم في فخ الربيع العربي (الأراب سبرينج) وهو مصطح أطلقه العالم الغربي كوصفٍ للثورات العربية، فكلمة (سبرينج) تحمل معنيين أحدهما مادي ويعني النابض الذي يرتد إلى حجمه الطبيعي بعد الانضغاط، والمعنى الآخر معنوي ويعني موسم الربيع وهو أحد فصول السنة الذي اشتعلت خلاله شرارة الثورات العربية من تونس، فظن بعض علماء المسلمين أن وصف العالم الغربي لثورة تونس بالربيع العربي يعني موسم ولادةٍ للديموقراطية العربية وما تحمله من دلالات حرية التعبير، فأخذ بعض علماء المسلمين ينادي حيّ على الجهاد، فتقاتل المسلمون مع بعضهم البعض باسم الجهاد.
الخلاصة:
الجهاد كلمة إسلامية جامعة يتغير معناها حسب سياق الكلام، ولمنع تحول الجهاد ذروة سنام الإسلام إلى مطيةٍ للإرهاب صدر من المقام السامي قانون مكافحة الإرهاب لحماية شعيرة الجهاد.