كان اليوم موعد محاضرة لأحد المفكرين المشهورين في البلاد، حضر الناس بالمئات لمكان انعقادها وجلسوا ينتظرون.
دخل شاب واضحة معالم الثقة عليه وجلس في الكرسي الذي وجده فارغا وانتظر المحاضر بشغف، ولم يطل انتظاره حتى تحقق ما يريده فدخل المحاضر وبدأ يتحدث عن أمور في الحياة.
لمح المفكر وجه الشاب ممتعضاً من تصرفات بعض الأشخاص الذين رن هاتفهم أو من رجل يجلس بجانبه يرسل الرسائل من جهازها الخلوي كان الشاب ينظر إلى هؤلاء الناس بتكبر واضح واستهجان لما يقوموا به من استعمال للهاتف!
كل ذلك كان تحت عيون المفكر.. كان تحت مراقبته...
مرت الدقائق والمفكر يتكلم من دون أن يشعر أحد بما يدور في خلده...
وفجأة لمح الشاب يخرج موبايله ويحاول استخدامه..فوقف المفكر مما أثار استغراب الحضور وطلب من هذا الشاب أن يحضر إلى المنصة...
صعد الشاب وهو يتساءل في عقله عن سر مناداته... وعندما وصل سأله أمام الجمهور: « لماذا تستخدم الجوال هنا؟»
فأجاب الشاب : «هناك شيء طارئ في العمل ويجب أن أرسل ملفاً لهم»
فقال له المفكر : «إذن لماذا كنت تستهجن ما يفعله الرجل الذي بجانبك من استعمال لجهازه؟».
قال له الشاب : «لأنه لا يقوم بشيء مهم...»
حرك المفكر حاجبيه بطريقة تشير إلى استعجابه من هذا الشاب فقال له: «سنرى!»
نادى الرجل فقال له ماذا كنت تفعل.. فأجاب: «إنه أخي يطمئنني على صحة أمي المريضة في المستشفى».
ثم نادى الشاب الآخر الذي تعرض لاستهجان صاحبنا فقال له: «لقد كنت أرسل لابني الوحيد الذي توفيت أمه قبل شهرين بأنني سأعود بعد ساعة لعمل الطعام لنا»، فنظر المفكر للشاب وقال له: «إياك أن تعتقد أنك المهم الوحيد في العالم.. إياك أن تعتقد أن كل من حولك خاطئون وأنك الوحيد على الحق في هذه الدنيا... لا تفترض شيئاً بالآخرين أبداً فهذا ليس من حقك»