الصغير يسترجع دروسه، ويعد واجباته المدرسية حين سمعته يكرر نصاً في كتابه، مداره استخدام الهاتف النقَّال...
القصة النموذج الذي تضمنه محتوى المقرّر تدور حول حادث سيارة، واستدعاء الأب، ومن ثم كيف أفاد الهاتف النقَّال في سرعة الإنقاذ..، وقد طلب المعلم من الطلاب أن يحاكوا هذه القصة بأخرى، تتضمن استخداماً آخر لوسيلة الاتصال هذه..!
فكر الصغير، وفكر، وهو يحاول الوصول لفكرة مماثلة لما في النص..،
بيد أن فوائد هذا الجهاز عند توفر خط الاتصال فيه كثيرة..، ويمكن أن يأخذها الصغار من الواقع..، حين يوجههم الكبار لاستخدام مداركهم في احتواء ما يدور في محيطهم، فيتفكرون فيه، ومن ثم يتدربون على صياغتها، وكتابتها بلغتهم البكر، وبأساليبهم المبتدئة، لتتكون خبراتهم عن أهمية وسيلة الاتصال عند المرض، والإصابات، والحرائق، والسرقات، والتحرّش، والتغرير، والعنف والحوادث، بل عند «الفزعة»، والمشاركة، والاستجابة لتوجيه أب، أو أم،...
الصغير على حين غفلة قفز فرحاً، طرباً لفكرة بادرته بالحضور، وقد كان يعصر ذهنه..، ويسترجي بعينيه مَن حوله لإسعافه بفكرة، غير أنه بلغ مراده وهو يقول كما قال أرخميدس: وجدتها..!
الصغير يتهجى ويكتب، يتعذر عليه فيسأل، يتم فيفرح..،
كتب قصة عايشها في كل نهاية أسبوع، وبداية ليل، إنها قصته مع «المفحطين» الذين يوقظونه، وإخوته من النوم، وهم يعيثون استهتاراً في الشارع، مسترجعاً ذلك اليوم الذي استيقظوا فيه على اقتحامٍ مخيف بإحدى عرباتهم سور البيت، وقد حطموا عربة كانت تقف بجوار بابهم،..
ثم انهالت عليه مواقفهم في المرات الأخرى..، وما حدث أمامه وهو يشاهد كم صدم هؤلاء «المفحطون»، وكم أزعجوا كل الساكنين على جانبي الطريق باتجاهيه..، وفي كل مرة يكون الهاتف النقّال وسيطاً بين أبيه، وعمه، وجيرانهم، وبين الأمن، والمرور..، فيأتي من يأتي، ويذهب من يذهب..، ولا يزال النوم يطير من عينيه، والهاتف النقَّال عند أبيه بين يديه..!
محتوى كتب المقررات حين تتعلّق موضوعاته بواقع المعاش، وحاجة الربط فيها بين شؤون الحياة وإعمال العقل في التفكير فيها، ومن ثم إخضاعها للربط، والقياس، والاستدلال، فإنه حتماً يحقق هدفاً أوَّلاً في قائمة الأهداف، في مناهج التعليم..
ولعلها تحقق الكفايات المنتظرة كلَّها..!!