سورية - النظام - بأفعاله الحاقدة لن يتركها بستان ياسمين، ولا نهرًا عذبًا، ولا نباتًا ملونًا، ولا كوز عافية، ولا قصيدة زهو، ولا انتشاء نصر، ولا جنة وارفة، ولا هديل يمام، ولا غيمة متهادية، ولا قوس مطر، ولا رقصة فرح، ولا بهاء ربيع، ولا دفء شمس، ولا حنو أم، ولا سنابل
قمح، ولا خبز حنطة، ولا الأرض والخصب والطبيعة والكون والحياة، ولن تكون الفارس والسيف والتاريخ، سيحيلها عيدان قصب، وخطوطًا باهتة، ومومياء عتيقة، وأوعية رمل، ودوحة قتل، ستصبح النار والهشيم، لا ضفتيها تلمعان، ولا فصولها تلفح، النظام فيها يبحث عن خفايا الأشياء والأرواح ليحيلها نحو الهاوية والمدار واللهب والتشرذم، - النظام السوري - لا يعرف إلا رياح الجنون، وعبث الأفعال، واستجداء الأشباح، ليس للأعمدة عنده ظل، ولا للشروق لون، ولا للسلام رايات، في أقواله أعمدة ملح، وفي أفعاله رائحة موت، إنه يسف الأشياء سفًا، ينعق كالغراب، يتلون كالحرباء، يخادع كالثعلب، يلدغ كالعقرب، ينخر كالسوسة، ليس له عهد ولا وعد، ولا إلاًّ أو ذمة، إنه مثل دابة مسمومة لحمها مر وطعمها مر وأكلها موت محقق، إنه عناقيد أسى، وشوك دامٍ، وحريق ملتهب، وفاجعة مرة، وتجاعيد وجه عابس، إنه مثل عربة قديمة خربة تدب في دهاليز العتمة، إنه غروب الأرض، وأسنان موتى، وجماجم شوّهها الدم والتراب، - النظام السوري - أفعاله تشبه النسوة (الندابات) اللاتي يدرن من بيت إلى بيت في أوقات العزاء يهيجن الأحزان ويستثرن الدموع ويلهبن اللطم على الصدور، إنه نظام السواد والفاجعة والظلام، النظام السوري لا يحب أن ينام إلا على شغب ودم، ولا يفيق إلا على شغب ودم، يفتح أبواب سورية وشبابيكها للنواح، ويغلق أبوابها وشبابيكها لتجلس في ظلمة الانكسار المخيف، نظام له وحشة، ومرثيات طويلة ومدمرة، وإيقاعات صاخبة بسبب لعبه الذهني على الشعوب، حيث يجتاح مسافات العقل ويسبق الانفعال المحتبس فيجهضه وفق نشيج ممزق يكسبه الشعور بالإثم والمظلومية البغيضة، - النظام السوري - ليس له تبرير أو عقلنة، يمكن أن يطفئ الإحساس بالذنب تجاه الآخرين، لديه ثغرة جارحة وسيئة في علاقتها مع الأمم، - النظام السوري - جلده ليس مطرزًا بالشذر ولا يتلون بألوان الطبيعة، إنه يصطبغ بصبغة واقعها المرير، واقع الخسارات الباهظة والأفكار العقيمة، ليس له وضوح عقلي، ولا فسحة تفكير ذهني، بقدر قدرته وعبقريته على صياغة المرثيات والبكاء، إن نسيجه الاجتماعي ممزق، ليس له عافية ولا مفتاح أمل، ولا تحقيق رغبات واعتبار، سوى الانكسارات وصور المحنة والخذلان المرير، - النظام السوري - لا يملك سوى الجعجعة، وذر الرماد، ومضاعفة العذابات، وخلق الفوضى والحروب والإعاقات ودخان السواد والمكر، - النظام السوري - عكاز العبث وفاوسه، وحامل صرته المليئة بالخبث والأسى، إنه يذنب وحده ولا تستحي من ذنوبه أو يغتسل منها، له بعد إدراكي مكفهر يتكفل بتثبيته، - النظام السوري - له صورة في المظهر، وأخرى في الجوهر، له نقمة معلنة لكن مختفية تحت أستار الأفعال السوداء، -النظام السوري - له انهجار يصحي القلق المكبوت قديمًا، قلق العظمة والتعملق حتى لو أدى هذا الانهجار الى تفجير الأمور تفجيرًا يخلق غلالة غضب تحجب أبسط الحقائق الكونية عن عيون البصيرة والوعي، إنه نظام لعوب يعرف كيف ومن أين تؤكل كتف اللذة حتى لو كانت في جحيم الثكلان، لكن أسرار الخديعة كشفت ولم يعد يوهمنا - النظام السوري - وهو ينحدر بقسوة على منحدر التسليم المذل المنخذل بأن من الممكن الاستمرار بوصفه كطفل صغير تحتويه البراءة، فيا أيها النظام السوري العابث لحظة من فضلك: هل التقطت لكِ صورة تذكارية مع شعبكِ الذي يئن بالحزن والوجع والفقر والعوز والفاقة والحاجة والذل والتشرد والخنوع، إن محاولاتك المستميتة نحو البياض مجرد نقلات غير حية لكنها هائلة على مستوى الانجراح الإنساني النفسي المستديم، وسوف تتكلل بالإذعان الراضخ الذي لا مفر منه، وستشهد الأرض عليك بعد طول ممانعة وعبث وفوضى وتكبر، وسيقيم لك أصدقاؤك سرادق العزاء واستقبال المعزين وسيصفونك بعد حين بالسوء والألم والكارثة، لقد أعد أصدقاؤك كل شيء للعزاء، القماش الأسود والقهوة والدلال والفناجين والتبغ ومناديل الدموع، سيكونون مرتبكين بفعل خسارتك الجسيمة المزدوجة، لكنك حتمًا ستكون تابوتاً يحملونه على ظهورهم المحنية، سيجف حليبك في أفواههم وسيصرخون بعدها المقبرة المقبرة وسيعاقبون أنفسهم بفقء العين بأسياخ حديدية بعد أن يأكلك الدود وينتهي كل شيء.