مقدمة:
يمثل الرئيس الإيراني حسن روحاني الرئيس السابع بعد الثورة الخمينية 1979م وصعود دولة الملالي وهيمنة ولاية الفقيه؛ يمثل في هذه المرحلة دور المنقذ لإيران من أزماتها السياسية والاقتصادية الطويلة التي حاصرتها خلال خمسة وثلاثين عاما وكادت تسقطها؛ نتيجة لسيطرة مفهوم تصدير الثورة الذي كان سائدا في سنواتها الأولى، ولغلبة وتسيد رؤية الفقيه الطائفية الضيقة، ولغياب الرؤية السياسية العميقة المنفتحة المستشرفة للمستقبل والمتعاطية مع الثقافات المختلفة.
يظهر حسن روحاني وهو المثقف الأكاديمي الذي يجيد خمس لغات عالمية غير لغته الفارسية وجها طيبا وكلاما معسولا نحو جيرانه في المنطقة العربية؛ وبخاصة نحو المملكة العربية السعودية، وقد بدا ذلك في أول تصريح له بعد ولايته؛ إذ وعد بأن تكون أولى زياراته الخارجية إلى بلادنا، وتمنى في مواقف أخرى أن تتحسن العلاقات بين البلدين وأن تتطور إلى مستوى عال من التعاون والمودة وتبادل المنافع.
كلام جميل وأمنيات طيبة يبديها الرئيس روحاني تخالف وتتناقض مع الأسف بدرجة 100% مع ما تفعله إيران على أرض الواقع!
لا أحد يتمنى الخلاف أو النزاع مع أية دولة؛ سواء كانت بعيدة أو قريبة؛ فما بالكم إذا كانت تلك الدولة قريبة جدا منا وتشاركنا في جوانب من الإرث والحضارة الإسلامية والتراث الشرقي، والعلاقات التاريخية العميقة المتقاربة حينا والمتنافرة أحيانا أخرى عبر التاريخ.
فخامة الرئيس:
كيف يمكن أن تتحول أمنياتك إلى حقائق؛ وإيران واغلة آثمة متمددة كالإخطبوط الشيطاني في المنطقة العربية كلها وفي دول الخليج على الأخص؟!
كيف يمكن أن تكون أمنياتك فخامة الرئيس طيبة فعلا والسلوك الإيراني غير طيب؟!
كيف تغفل فخامة الرئيس عن الأفعال وهي من صنعك وصنع فريق حكومتك وتوجيه مرشدك الأعلى علي خامنئي وتتذكر الكلمات الدبلوماسية اللطيفة فحسب التي تفقد أثرها اللطيف مع تأزم مشكلات المنطقة وارتفاع نسب الموت والدم والخراب بفعل اليد الإيرانية الملوثة بدماء الأبرياء من أبناء المنطقة من أقصاها في الشمال حيث المجزرة السورية الفوارة بالسلاح والدعم الإيراني إلى أقصاها في الجنوب حيث المجزرة الأخرى في طور الاشتعال في اليمن بالتخطيط والتدريب والتمويل الإيراني لطائفة الحوثي؟!
ألا تتذكر فخامة الرئيس وأنت تطلق تصريحاتك الدبلوماسية اللطيفة ما تفعله إيران بمخالبها العسكرية الدموية المباشرة أو بواسطة عملائها المكلفين الموكلين بتنفيذ خطط إيران في العراق ولبنان وسوريا والبحرين واليمن من إثارة للفوضى أو القتل؟!
كيف تتذاكى فخامة الرئيس وأنت تطلق التصاريح المهذبة وجيوشك غير المهذبة تتوغل في الأرض العربية وتفتك وتقتل وتريق الدماء إما مباشرة بأيدي وعتاد الحرس الجمهوري الإيراني في سوريا، أو عن طريق الوكلاء المخلصين المدعومين والمحميين من إيران؛ كحزب الله العراقي، وحزب الدعوة، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، ومليشيات بدر، ومنظمة العمل الإسلامي في العراق؟!
أما في لبنان فإيران لها معكم قصة دامية؛ فإيران هي التي أنشأت حزب الله وكونت مليشياته وسلحتها ومولتها؛ لتكون دولة داخل الدولة اللبنانية بما يمثل احتلالا كاملا عجز لبنان عن التحرر منه؛ لهيمنة النظام النصيري السوري المدعوم منكم متحدا مع حزب الله على المشهد السياسي العام وعلى التفاصيل الدقيقة في الاقتصاد والفكر والحياة الاجتماعية؛ بحيث عانت ولا زال اللبنانيون السنة والمسيحيون الذين ينظر إليهم أتباع إيران على أنهم أقليات؛ عانوا العذابات المرة طوال العقود الثلاثة الماضية !
كيف تريد فخامة الرئيس لإيران أن تتعايش مع المنطقة العربية بسلام؛ وهي تتجاوز حدودها الجغرافية عبر الحدود البرية والمياه الإقليمية إلى العراق والبحرين ولبنان وسوريا واليمن؛ لتبني من خلال تدخلها السافر العميق في هذه الدول فكريا وإعلاميا وعسكريا وحزبيا دولا أخرى على هيئة أحزاب وتنظيمات ممولة ومدعومة من إيران ؟!
فخامة الرئيس:
ما الذي يدفع إيران إلى أن تقفز على التاريخ والجغرافيا والحدود واختلاف اللغة وتنافر المذهب؛ لتثير الفوضى في المنطقة العربية كلها ؟! يتبع