الروابط الاجتماعية تمثِّل منظومة التزامات يشترك في تصنيعها وتطويرها كل أفراد المجتمع كافة وهي عُرف متواصل في مختلف الأزمان وعلى مر العصور؟ وعندما يشارك أي فرد في هذه المنظومة بنصيب من التأثير فإنه في نهاية المطاف تابع لها وليس مستقلاً عنها، لأن المجتمع الحقيقي هو من يسير أفراده على منظومة واحدة من الأخلاق والتلاحم والتعاضد والتناصح ونبذ كل الخلافات والتعصبات في كل مناحي الحياة، ورفض كل أنواع النعرات.
والالتزام بالأنظمة والقوانين وحفظ المكتسبات واحترام الناس بعضهم بعضا والإدراك لأهمية التلاحم بين القيادة والشعب وعدم الانجرار خلف أطماع الأعداء وعدم تصديق الشائعات وغير ذلك من الأمور التي تهدم ولا تبني وتساهم في تأخر المجتمع ورقيه وتقدمه؟ وعندما يطبّق المجتمع ويلتزم أفراده بهذه القيم فإنه سيحقق الارتقاء والتكامل ويتيح الفرص أمام كل فرد لممارسة دوره كشريك فاعل في الحياة على أفضل الوجوه وأن ممارسته لدوره توصله إلى تحقيق الأهداف والغايات النبيلة والأدوار المهمة التي يؤديها المجتمع حيال أفراده ومن بينها أن الكبار يربون صغارهم ويعلمونهم كيف يتعاملون مع الآخر وكيف يتعايشون معه؟ وكيف يقيمون الأحداث وكل ما يحيط بهم في عالم اليوم أن المجتمع كيان حي تعمل أجزاؤه مثل أعضاء الجسد الإنساني كالعقل والرأس واليد والقلب وغيرها كذلك الأمر في مؤسسات هذا المجتمع مثل المدرسة والسوق والمجلس والمسجد وهيئات الأمر بالمعروف والدعاة والحكومة ممثلة في كل وزاراتها وإداراتها وهيئاتها، لأن كل منها يلعب دوراً متكاملاً مع الآخر لحفظ المجتمع وتنميته وصون كرامته.
وهذا لا يعفي الأفراد، بل إن لكل منهم مكاناً محدداً ودوراً يلعبه ضمن المنظومة الاجتماعية الكاملة؟ والذي من المفترض أن يسخّر علمه وتجاربه وكل أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته لصالح مجتمعه! ولندرك أنه من حق الإنسان أن يحلم في نطاق الخيال الممكن أن يحققه لأن أمة بلا خيال هي أمة بلا طموح، ولكن ليس من حق كائن من كان أن يساهم في تفريق الصفوف وقتل الطموح والعمل على إيجاد الشرور وترسيخها في أذهان الناس على أنها من الواجبات الدينية وهو في إجماع أهل العقول وطلبة العلم عملاً مخالفاً لما كان عليه سيّد البشرية صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح؟ إن الجميع مسؤول أمام الله والتاريخ ويجب أن يعرف الجميع أن اعتزاز المجتمع بقوته وتماسكه، مصدره الاعتزاز بالإيمان بالله وحده لا شريك له، قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } (10) سورة فاطر، فهل نتعظ بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ونكون مفاتيح للخير ونساهم في القضاء على كل النعرات واعتبارها من الأعمال المرفوضة.