الدراما وتوظيف النص التاريخي 1-2 المسلسلات التلفزيونية أنموذجاً

التاريخ مخزون للأمم كافة يحمل أفراحها و أتراحها و آلامها و يقدم ماضيها، و ما جرى فيه من أحداث إيجابية أو سلبية. واعتمد تدوينه على حلقات تتواصل من مؤرخ لآخر، و قد تتباين فيه المعلومات حسب ميول المؤرخ - و إن كان المؤرخ الموثوق به هو ذلك المحايد - ويقودنا هذا إلى ما حدث في الآونة الأخيرة من تحويل التاريخ المدون إلى تاريخ مرئي يعرض أحداث تاريخية ضمن قالب قصصي جذاب ومشوق وكانت البداية أفلام سينمائية اقتصر عرضها على بعض أحداث أو شخصيات لها شعبية أو جاذبية بين عموم الناس مثل عنترة بن شداد أو خالد بن الوليد (رضي الله عنه)، وهذه البدايات قد لا تكون مميزة على مستوى العمل الفني، ثم إنها اختفت مع الوقت فلا حاجة لنا للحديث عنها.

لكننا نركز هنا على المسلسلات التاريخية التلفزيونية التي توجه إلى الملايين وتحل ضيفاً في كل بيت وقد انتشرت منذ أكثر من ربع قرن عندما عرضت مجموعة منها على شاشات التلفزيون السعودي وقد نتذكر بعضها وبعض العبارات التي كانت تستخدم فيها، وشخوصها وكانت تلك المسلسلات تنتج في مصر في ذلك الوقت ويغلب على المشاركين فيها اللكنة المصرية التي كانت تستدعي انتباه المشاهدين.

ولكن منذ نهاية القرن الميلادي المنصرم وبدايات هذا القرن الحادي والعشرين أصبح هناك توجه واضح المسلسلات التاريخية فاتسع نطاق إنتاجها وإعدادها وتصدرت سوريا ومصر والأردن وبعض دول الخليج العربي قائمة الدول العربية المهتمة بهذا المجال وركزت هذه المسلسلات على شخصيات وموضوعات متنوعة.

الذي يهمنا هنا أن نعترف أن هذه المسلسلات التاريخية حظيت باهتمام من المتابعين خاصة في السنوات الأخيرة حيث ارتفعت نسبة المشاهدة، وارتفعت معها المعرفة بأحداث تاريخية إسلامية انتشرت بين الناس من خلال متابعة هذه المسلسلات وهذه ناحية إيجابية تؤكد على أهمية هذه المسلسلات في وصل الماضي بالحاضر وتبين أنها وسيلة مهمة جداً في كسر حاجز الجهل بالتاريخ الإسلامي الذي تراكم نتيجة ضعف المقررات الدراسية وعدم اهتمامها بترسيخ صورة هذا التاريخ في أذهان الجيل الحاضر فكانت هذه المسلسلات البديل الذي يقدم للمشاهد مادة من التراث وتشاهد على الشاشة على نحو حركي من خلال شخوص سمع بها يراها ممثلة على الشاشة الصغيرة فيتفاعل وتنطلق الأسئلة ويدور حولها نقاش.

إذاً هناك إيجابية كبرى من خلال هذه المسلسلات إنها بديل إيجابي وعصري لنقل مخزون التراث العربي والإسلامي إلى أبناء هذا الجيل.

لكن هناك تساؤلات تطرح في هذا الموضوع أكثرها يمثل سلبيات إن أخذ بها وهي على النحو التالي:

1 - ما مدى صدق ما يطرح في هذه المسلسلات وتوافقه مع حقائق التاريخ العربي والإسلامي بشكل عام.

2 - وما مدى دقة الأخذ من المخزون التاريخي من المعلومات المضمنة في هذه المسلسلات.

يستكمل الموضوع الأسبوع القادم إن شاء الله.