** يقينُه التوكلُ عليه وحده لا شريك له، وحين يعقِلُها حينًا فإنه يُطلقها أحايين، ويتعلم قليلًا وينسى كثيرًا؛ فكذا هي تركيبتُه لا يعرف أسوارًا ولا يأبه بأسرار، ومكاتبه كما أوراقه مفتوحةٌ لمن شاء فلا شيءَ يستحقُّ الإخفاء مؤمنًا أن العلنيةَ هي المنطقُ والمنطلقُ لمن يودُّ أن يعبر الحياةَ راضيًا ويغادرها مَرضيَّا.
** مرَّ بتجارب صعبةٍ نتيجةَ ثقته واطمئنانه، ولا ينسى أول رحلة له مع أسرته إلى بلدٍ عربيٍّ حين لم يجدْ مستقبِلَه كما اتفقا ولعب آخرون دورًا «احتياليًا» أليفًا صدَّقه فأسكنوه بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ واحتسبوا عليه قيمةً مضاعفةً ثم اكتشف أن صديقَه كان في انتظاره لكن التمثيليةَ المُحْكمةَ غطت عينيه وأعشت ذهنه.
** وسعى أحدهم ليوفر له وعائلتِه مكانًا مُشرفًا على فعاليةٍ مهمة في بلد عربيٍ آخر ليفاجأَ قبل أن يحظى بالمكان أن حافظته بما فيها قد اختفت، وصادفه في أقصى الغرب الأميركي من استغل انشغاله وأسرتِه بترتيب حقائبهم في السيارة فسألهم عن موقعٍ هناك فيما كان رفيقُه - ولم يكونا أميركيين - يغافلهم ويسرق حقيبة اليد بما فيها من جوازات سفرٍ وتذاكر ومبالغَ وبعض البطاقات الائتمانية.
** حكاياتٌ لم تعبر ذاكرتَه بيسر فقد امتدت بمعاناةٍ استطال بعضُها، وبخاصةٍ ما مسَّ تذاكرَ العبور وإقلاقَ المسير، وأنتج بعضها مُقطعاتٍ شعريةً «فصيحةً وعاميةً وعربيزيةً» باسمةً تخفيفًا عما صاحبها من كبد وكمدٍ.
** إشكالاتٌ شهد مثلها كثيرون وخرجوا منها بدروسٍ كما خرج، لكن معضلةَ اليوم مع الأمن المعلوماتيِّ أمضُّ ألمًا وأقلُّ مخارج، وقد اضطر إلى تعطيل حساباته في وسائط التواصل الاجتماعي لما عاناه من انتحالاتٍ رديئةٍ لم تنتهِ بابتعاده؛ فالمختلقون والمخترقون لا يسأمون بدافعِ الإيذاء وقتًا والعبث أوقاتاً، وفيها ما مسَّ بَريدهُ الآليَّ فسحب كلَّ ما فيه من معلوماتٍ ومصورات وأزعجه وأصدقاءَه وسببّ له ولبعضهم متاعب، ولدى معظمنا قصصٌ شبيهة، ولدى البنوك والأجهزة المعنيةِ ما يفيض، ولا ريب أن في»المُهكِّرين» وأمثالهم من حقق مراده الرديء.
** حدَّث صديقٌ عن غربيٍ عرفه جيدًا ولفت نظرَه استغراقُه في تدوين مذكراته التي اختار لها عنوانًا (حياتي للبيع) وامتلاكُه عددًا من جوازات السفر وتعاملُه مع من يطلبه دون النظر إلى هُويته وانتمائه واختراقُه الحسابات المصرفيةَ والبريديةَ مقابل مبالغ وامتيازاتٍ وعيشُه الهانئُ بعد ذلك دون حكمٍ أو محاكمة.
** هذا محترفٌ ونظراؤه كثرٌ وبخاصةٍ في المجالات الاستخباراتيةِ الدوليةِ، وغيرهم من الهواةِ الحُواةِ أكثر، والقضيةُ تحتاجُ لوعيٍ وتوعية ونظامٍ وتطبيق وفاعلية إداريةٍ لحمايةِ الوطن والإنسان؛ فأثر الجريمة المعلوماتيةِ ثقوبٌ في هيكلة الوطنِ وطمأنينة المواطن.
** رأى ابنُ حزم -رحمه الله- أن من تصدَّى لشؤونِ العامة فلا بد أن يتصدقَ ببعضِ عِرضِه على الناس، ويبدو أن زمننا قد فرض الصدقةَ على الجميع؛ فاللهم أكفناهم بما شئت.
** الانتهاكُ إنهاك.