تفقيس بيض الصعو!

من حق مجلس الشورى أن يناقش موضوع تعثر فقس بيض الحباري طالما أنه تلقى تقريرا من الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها تطلعه فيه على إنجازات الهيئة العظيمة في عمليات التفقيس، وكذا تقريرا عن عمليات الفقس المتعثرة، لكنه للأسف لم يقدم عبر أعضائه مقترحاته أو توصياته لإنقاذ عمليات الفقس المتعثرة قبل أن يفسد البيض، وتخسر الهيئة مئات الآلاف من الريالات لذلك فقد التقرير كثيرا من أهميته.

كنا ننتظر مثلا، وبما أن المجلس الموقر قد أدرج الموضوع ضمن جدول أعماله لأنه يرى أهميته القصوى أن يتحفنا ببعض الملاحظات الجوهرية على التقرير، وأن يرشد الأعزاء في الهيئة الوطنية للطرق المثلى في المحافظة على كل البيض الذي بحوزتهم من الفساد وإطلاق العمليات الفعالة لفقسه لينتج لنا مئات الحبارى، وهي طيور بالمناسبة لم أشاهدها إلا في برامج الطبيعة في القنوات الفطرية، وجهود بعض الدول لحمايتها من الانقراض، ولم أسعد يوما بأكل لحمها الذي يقال إنه لذيذ.

وبما أن البيض بالبيض يذكر فأعتقد أن المجلس سيناقش أي تقرير مقدم له حتى ولو كان في تفقيس «بيض الصعو»، والصعو جمع صعوة وهي نوع من الطيور الصغيرة الجميلة من فصيلة العصافير، ويضرب ببيضه المثل الشعبي فيقال عن الشيء الذي يذكر ولا يرى بأنه «مثل بيض الصعو يذكر ولا يشاف». هذا المثل الشعبي البليغ شغل أذهان البعض في محاولة لمعرفة السر الكامن وراء عدم التمكن من رؤية بيض الصعو، هل العلة في صغر حجمه، أم أن الصعوة تضع بيضها في أماكن لا يمكن الوصول إليها، أم أنه لايبيض في موسم هجرته عبر الجزيرة العربية؟ لو قدم طلب لبحث الموضوع من قبل أعضاء المجلس فقد نتوصل لنتائج في غاية الأهمية تكشف سر بيض الصعو الغريب؟

مناقشة فقس بيض الحباري تحت القبة الشورية أثار جدلا واسعا في الأوساط الاجتماعية، وفي مواقع التواصل فور نشره في جريدة الجزيرة. ردة الفعل الساخنة لم تأت إقلالا من أهمية بيض الحباري، معاذ الله أن يكون تفكير أغلبية الناس على هذا النحو، أو أن هناك من يتمنى القضاء على هذا الطائر الجميل وتدمير بيضه. الأمر بكل بساطة أن هناك من يرى بأن هذه الموضوعات لا تندرج ضمن أولويات الناس، فطموحهم أكبر من ذلك، وآمالهم بمجلسهم الذي يمثلهم أعظم، إذ يرون أن المجلس بمناقشة هذه القضايا الأقل شأنا قد أهمل قضايا ينتظرون اقتراحات مجلسهم حولها؛ مثل الإسكان والتوظيف، والمشاريع المتعثرة وليس الفقس المتعثر في محميات الحياة الفطرية، ويتطلعون بشوق لبحث قضايا التعليم والصحة وبرامج الشباب، ومشكلات المرأة والأطفال إلى آخر القائمة من الموضوعات التي سيجد فيها المجلس مجالا لتقديم ما ينفع الناس!

هناك من يرى أنه يوجد خلل ما في تنظيم الموضوعات المطروحة غير أن أغلبية يرون أن محدودية صلاحيات المجلس أدت إلى مناقشة أمور هامشية، وإن صحت هذه الفرضية فهذا يعني أن المجلس بحاجة لمنحه صلاحيات أوسع لا يدخل ضمنها مناقشة الفقس والتفقيس!