كل عقد من الزمان يتغير خلاله معالم المحيط الذي تعيش فيه على كافة المستويات التي تمر بها، والعقد عمره 10 سنوات، وهي سنة كونية دائمة، فكل 10 سنوات يتغير كل شيء حولك، سواء كان لك دخل في ذلك أم لا، خذ ورقة وقلم واكتب كيف كانت الأشياء حولك قبل 10 سنوات مقارنة بالوضع الراهن.
هل تعلم بذلك من قبل؟ أم أن تلك معلومة لا جديد فيها؟ لا يهم طالما أننا نتدارس (سنة كونية) غير قابلة للتغيير، على اعتبار أنها سنة تسير وتأخذنا معها دون أن نحرك ساكنا، إذا كان الأمر كذلك؟ فهل يمكن التحكم في هذه السنة الكونية التي تتغير معها الأشياء خلال 10 سنوات شئنا أم أبينا؟
بدءا، علينا أن نعرف أعظم اكتشافات (الغرب) أو (الدول المتقدمة)، هي اكتشاف (السنن الكونية)، وهي أعظم من اكتشاف الجينات الوراثية أو اكتشافات حركة كوكب المريخ، أو وضع النظريات، لأن ذلك يعني أن تسير جنبا إلى جنب مع التغيير (إنك لا تدخل النهر مرتين).
عندما يكتشف علماء الغرب سنن الفيزياء في الكون، يكون بمقدورهم أن يكيفوا حياتهم ومخترعاتهم ونظرياتهم على حركة الكون، فالرياح مثلا، لها نظام معروف على مر الزمان، ويمكن لها أن تغير الأشياء حولك بدون إرادتك، وحيث اكتشف العلماء نظام الرياح جاءت قدرتهم على توجيهها إلى مصلحتهم أو كيف يمكن أن يتفادوا خطورتها بمخترعات (انسيابية) أو ناطحات سحاب مرنة تميل مع الريح حيث مالت.
وعلى المستوى الاجتماعي لا يستطيع أحد أن يوقف الزمن، لهذا كان (التقليديون) هم أكثر الناس جمودا وتخلفا لأنهم يتحركون عكس حركة الزمن، وهم الوحيدون الذين يتجاوزهم التاريخ والحياة والناس، فمن بقي على أنظمته الإدارية القديمة سيرى أنه خارج السرب بعد 10 سنوات، ومن ثبت المسؤولين في مناصبهم سيجد أن المنشأة باتت في حكم الماضي، الأمر الذي يهجرها الجيل الجديد إلى كيانات ظهرت على السطح بعد 10 سنوات.
منتجات اليوتيوب الثقافية والفنية مثالا صريحا على ذلك، إذا ما قسناها بالكيانات الثقافية الحكومية الكبرى التي سارت عكس عقارب الزمن، حيث يمر عليها العقد والعقدين والثلاثة وهي كما هي، نفس الأنظمة نفس الناس نفس المنتج.
وبقدر ما يتشبثون بالمنصب وبالكيان والأسلوب يأتي (العقد الزمني) بكل هدوء ودون أن يشعر أحد فيغير الملامح والتفاصيل والألوان، إلى منظر آخر جديد، وإذا قاوموا العقد الأول والثاني بشراسة، فإن الثالث لا يعجزونه، لأنه عقد (الجيل) فبعد 30 سنة يأتي جيل آخر بكل تفاصيله يملأ المكان صخبا وضجيجا.
حتى الآن ـ في تقديري ـ لم نكتشف حركة الزمن، ما يجعلنا نسير عكس التيار، والنتائج دائما هزيلة، التماهي مع الزمن هو الحل، والتجديد هو طريق النجاة.