الجزيرة - سفر السالم ومحمد آل داهم / تصوير - التهامي عبدالرحيم:
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بدأت في الرياض مساء أمس أعمال المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل، بمشاركة 21 وفداً عربياً و55 وفداً لمنظمات واتحادات نقابية ومجالس أعمال تمثل أطراف العمل (الحكومة، وصاحب العمل، والعمال)، بحضور عدد من أصحاب السمو والوزراء.
وألقيت في مستهل الحفل كلمة راعي المنتدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ألقاها بالنيابة وزير العمل المهندس عادل فقيه، قال فيها: «شرفني خادم الحرمين الشريفين بتكليفي بافتتاح أعمال لقائكم هذا، كما كلفني -حفظه الله- بأن أرحب بكم ضيوفاً كراماً في بلدكم الثاني، متمنياً لكم النجاح في جهودكم ومساعيكم في تحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة العربية، التي تتطلع باهتمام لاجتماعنا هذا، باعتباره أملاً ننشده جميعاً في تحقيق تنمية مستدامة وحماية اجتماعية شاملة، فتلك قضية من أهم القضايا التي تهم بلداننا».
إن قضية البطالة وإستراتيجيات القضاء عليها أصبحت محور اهتمامنا جميعاً، ولا يمكن لجهود منفردة أن تحقق النتائج المرجوة في التعامل مع قضايا التنمية والتشغيل، دون مشاركة الجميع، خاصةً الاقتصاديين والاجتماعيين وغرف التجارة والصناعة والاتحادات العمالية، وأصحاب الفكر المستنير, مشيراً إلى أهمية المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل، لأنه وسيلة لتحقيق أهداف وطموحات أبناء الأمة وشبابها.
إن المملكة تقدر جهودكم الحثيثة، والدور المحوري الذي تقوم به منظمة العمل العربية في توحيد الجهود، ومبادرتها بعقد هذا المنتدى، وحشد الدعم العالمي له المتمثل في هذا العدد من المسؤولين عن صناعة القرار في الوطن العربي، والمنظمات الدولية والمؤسسات العربية والعالمية».
وأضاف: باسم خادم الحرمين الشريفين أتمنى لكم جميعاً طيب الإقامة في بلدكم الثاني، ونسأل الله أن يُكلل جهودكم بالنجاح في التوصل إلى نتائج إيجابية تدعم خطط التنمية الشاملة في بلدان العالم العربي. ويسرني باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أن أعلن عن بدء فعاليات المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل، وعلى بركة الله.
من جهته قال مدير عام منظّمة العمل العربية أحمد لقمان: إن فكرة «المنتدى» هي الرّبط بين «التنمية» و»التشغيل» على مستوى المضامين والخطط والبرامج وفق منظور تتكامل فيه كل المكونات كما أنه يمثل إطاراً أوسع للشراكة بين كلّ الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين ومنظمات أصحاب العمل والعمّال ومؤسّسات المجتمع المدني لمعالجة قضايا التشغيل والبطالة وفق رؤية تشاركية، وتضامنية مكتملة الأبعاد، موضحا أن حضور كل القيادات والأطراف ذات العلاقة اليوم ليس للوقوف على واقع سوق العمل فحسب، بل لتشخيص مسبّبات البطالة والإحاطة بمختلف أبعادها وتبادل الآراء والخبرات لبلورة أفضل الحلول للحدّ من هذه المعضلة في إطار جهد جماعي متماسك كل له دوره فيه. ومضى يقول: إن العوامل الاقتصادية لم تساعد على تنمية التشغيل والحد من البطالة نظراً لتواضع معدل الاستثمار الإجمالي حيث لا يتجاوز 23.5 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي في 2011 وفق تقرير صندوق النقد العربي للعام 2012 (مقابل 38 في المائة في دول شرق آسيا)، واستقرار معدّل الاستثمار الخاص في حدود 14 في المائة نسبة إلى الناتج المحلّي الإجمالي (مقابل 29 في المائة في دول شرق آسيا مثلا)، ومن ضمن العوامل الاقتصادية غير المساعدة على النهوض بالتشغيل تقلبات معدّل النمو الاقتصادي الذي
لم يتجاوز في المعدّل العام 5 في المائة منذ سنة 2000، حيث تراجع هذا المعدّل في 2011 إلى 2.4 في المائة، وهذه النّسب غير قادرة على توليد فرص العمل المطلوبة المقدّرة بـ5 ملايين سنويا لاستيعاب الدّاخلين الجُدد إلى سوق العمل، وامتصاص مخزون البطالة، ومما يلاحظ أيضا على المستوى الاقتصادي في علاقته بالتشغيل محدودية قدرة جلّ الاقتصاديات العربية على توفير فرص عمل تتناسب مع التطور النوعي لتركيبة قوّة العمل بحكم ارتفاع معدّل الالتحاق بالتعليم العالي المقدر بـ25.8 في المائة، وهي نسبة أعلى من المتوسط في المناطق النامية.
وأبان أن المجموعة الثالثة ذات العلاقة بالتشغيل تتمثل في العوامل التعليمية، ومنها على وجه الخصوص عدم الملاءمة بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل ومتطلبات الرّيادة الاقتصادية التي باتت من أقوى المداخل لمعالجة بطالة الشباب وتوسيع قاعدة الإنتاج والمشاركة فيه.
وأوضح لقمان أن الأسباب السابقة أفرزت بطالة تراكمية من أهمّ خاصيّاتها «بطالة شباب بلغت 27 في المائة في عام 2012م، حيث تتركّز في الفئة العمرية دون 30 سنة.
وتمثّل الشريحة العمرية 15-19 سنة النواة الصعبة فيها؛ وبطالة نسائيّة تمثّل ضعف معدّل بطالة الرّجال؛ وبطالة متعلّمين وخاصّة من حاملي المؤهّلات الوسيطة والجامعيّة حيث يُلاحظ أنّ معدّلات البطالة تزداد كلّما ارتفع المستوى التعليمي، مما يعني أنّ تركيبة الاقتصاديات العربية فى مجملها غير قادرة على استيعاب واستثمار الكفاءات العليا».
من جهتها قالت نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انجر أندرسون إنه من المهم فهم طبقات الاستبعاد التي تتسبب بالبطالة لكي نفهم السياسات التي تعزز المشكلة، لافتة إلى أن الاقتصاد لم يكن قادراً على توفير فرص عمل لعدد المتقدمين القليل جدا، حيث إن البطالة مرتفعة بنسبة 54 في المائة للأفراد ما بين عمر15 و64.
وأفادت أندرسون أنه في دراسة بنكية عالمية بعنوان: «الوظائف من أجل الرخاء المشترك» اتضح أن القواعد والحوافز التي تحكم أسواق العمل في البلدان العربية أدت إلى نتائج غير فعالة وغير منصفة، مقترحة أن يعمل بالإستراتيجيات التالية» السياسات المحفزة على المنافسة واستثمارات القطاع الخاص لخلق فرص عمل، وموازنة ظروف التوظيف حيث يتنافس القطاع الخاص والعام على مستوى متقارب، وإغلاق الثغرات في المعلومات من خلال الجدارة والخيارات المهنية وخلق فرصة ثانية، وكسر حلقة الفئات المحرومة.
فيما أشار الدكتور محمد التويجري الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية في كلمة ألقاها نيابة عن الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن الدول العربية لا تزال تواجه مشاكل الفقر والبطالة وعدم مواكبة المخرجات التعليمية بمتطلبات التنمية وعدم الاستخدام الأمثل للموارد. وأضاف أن معدل البطالة مرشحة للتفاقم في جميع دول العالم بسبب ارتفاع نسبة النمو السكاني، منوهاً إلى أن فرص نجاح سياسات مكافحة البطالة تزداد مع ازدياد فرص التعاون بشكل فاعل, مؤكداً أن مكافحة البطالة تتطلب توفير فرص عمل جديدة لتقليص معدلات الفقر والبطالة، لافتاً النظر إلى أن سوق العمل تتطلب توفير خمسة ملايين فرصة سنويا لاستيعاب الداخلين للعمل.