غريبان التقيا في مطار مدينة ما. في منتصف المسافة بين كل شيء: الأرض واليوم والعمر والأحلام!
أربع ساعات تفصل بين إقلاع الطائرة. وقت طويل للانتظار. لكنه حين يمضي مع تنهدات (السوالف) يظل قصيراً كومضة أو تلويحة مودع!
غريبان تجمعهما طاولة صغيرة في مقهى. الرجل الأبيض يقرأ في كتاب عنوانه (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) . فيما الرجل ذو البشرة (القمحية) يعبث بجواله، وإذ يصل به الملل أقصى حدوده يخاطب رفيق الطاولة: كتاب جميل.. لولا أن المرأة لغز يستعصي على الرجل أن يفك طلاسمه!
هكذا بدأ الحوار بالمرأة وظل محورها الأساسي. الرجل الأبيض يحكي حكايته مع حبيبته منذ أن كانا يدرسان بالجامعة وتزوجا وأنجبا طفلاً، وبعد عشرين عاماً من الحب انفصلا. لا يهم إن خسر نصف ثروته لصالح طليقته. المال الذي تعب وحده في تحصيله. لا يهم مطلقاً. الشيء الوحيد الذي لم يجد له تفسير هو كيف استطاعت أن تخوض تجربة الزواج مرة أخرى بعد سنة واحدة فقط من طلاقهما؟
كان يظنها عشرين عاماً من الحب، لكن بعد زواجها السريع استعاد كل لحظاته الحميمة معها، ليبحث عن سرها المفقود.. هل كانت اللحظات صادقة أم أنها كانت تجيد التمثيل؟
التقى بعدها بنساء طيِّبات لكنه كان يتردد في الارتباط بإحداهن.. كلما تذكَّرها.. اكتشف حجم الخيبة في حياته، وتوقف عن تكرار تجربة الزواج!
ضحك الرجل (القمحي) وهو يرى له شبيهاً في المأساة ذاتها. وروى القصة ذاتها لكنها بنكهة الشرق المختلف. تزوّج في بداية حياته بابنة عمه، ثم بعد سنوات ازدادت ثروته أضعاف ما كان يحلم بامتلاكه. وجد من المناسب أن يعدّد زوجاته. وصل عدد نسائه إلى رقم لا يتذكره. لكنه اكتشف في النهاية أن المرأة كائن سهل وصعب في آن واحد. لو تمادى الرجل في محاولة تفسير ما تفعله المرأة فإنه سيظل هائماً على وجهه!
المرأة أكثر ذكاءً من الرجل. وليس صحيحاً أنها ماكرة، لكنها أكثر حيلة وأطول صبراً من الرجل!
كانت ساعة الرحيل قد أزفت. وبدا الرجل أكثر ارتياحاً، فصافح رفيق المأساة قائلاً: الآن فقط.. أشعر بأنني حر من الأوهام!
كل منهما سلك طريقاً مختلفاً.. لكنه في الحقيقة هم إنساني واحد وإن اختلفت الوجوه والثقافات!