المجتمع الايجابي الحقيقي هو الذي يتساند في صفٍّ واحدٍ لرفعة نفسه. ولا يرتفع هذا المجتمعُ إلا بأفراده، ولن يتحقق للأفراد ذلك ما لم يكونوا من المتفوقين المجتهدين. والتفوقُ كما قال «أينشتاين» أحد أكبر عباقرة الأرض عبارة عن تسعةٍ وتسعين بالمئة من الاجتهاد وواحد بالمئة من الذكاء. يفطن حكماء المجتمع الغيورون على هذه الحقيقة، فيجدون أنهم أيضا ملزمون أمام تطور مجتمعهم برعاية التفوق والمتفوقين، ومن هنا جاءت فلسفة التفوق في «جائزة بني زامل» لرعاية التفوق، وأنا أقول التفوق لأن الجائزة ما زالت في بداياتها رغم أن عمرها الآن أشرف على السنة الخامسة عشرة، وهي ترعى حاليا وتشرف مع إدارة تعليم عنيزة في تكريم التلميذات المتفوقات، وتم تكريم حتى الآن ما يزيد عن ألفَي متفوقة، وأما عن مسألة «بدايتها» فلأن الأهدافَ الطموحة الموضوعة للجائزة ستخطو مراحلَ عديدةً في النموِّ لرعاية التفوق، وربما إلى مجالات البحث والدراسة، ودورات وفعاليات تخصص لمعرفة وسائل التفوق، وأهمية التفوق في المجتمعات. ثم إن واضعي الجائزة، «جائزة بني زامل» يدركون أن هذا سيثير أمرا غريزيا لدى أي إنسان، وهو الغيرة الإيجابية، أو المنافسة، وسنجد أن هذه المنافسة الجادة ستنتقل بين جميع التلميذات كالعدوى الحميدة، فيحثنّ أنفسهنّ على مزيد من الاجتهاد، أملا أن يرين اسماءهن في لائحة الجائزة.
وهناك شيء آخر إن التحفيزَ في الجوائز المفتوحة مثل هذه الجائزة تزرع أمراً أو صِفةً في غاية الأهمية، صفة بنت الحضارات، وسجّلت تقدم الأمم، ألا وهي صفة الجدّية. فإن الجديّةَ هي التي تحث على التفوق وحصد ما زرعه الاجتهاد. وفي مجتمعنا نحتاج وبشدة للجدية المفقودة بسبب طبيعة الاستهلاك والحياة الرخية، ولكن هذا لا يدوم، فما دام حالٌ منذ خلق الله الأرض، وكأنَّ واضعي الجائزة من وراء تأسيس الجائزة إنما يحثون على هذه الجدية لإعداد الجيل الطالع لظروف حياةٍ قادمة لن تكون سهلة، ولن يستمر بها إلا الجادون المجتهدون ، فالحياة ستصبح مضمارَ سباقٍ هائلٍ، وعليهم خوض هذا السباق وإلا تُركوا في الهامش يغمرهم النسيان والتخلف. نأمل أن تتسع «جائزة بني زامل» بإذن الله لرعاية المتفوقين في كل مجال في عنيزة من الابتدائي حتى الجامعة ، وأتمنى أن تكثر نسخٌ مثل هذه الجائزة في بريدة والرس والبكيرية وكل نواحي القصيم.. وكل مدينة في البلاد.