العقلاء وحدهم، هم من يؤمنون بحقيقة أن الأيام دول، ولهذا لا تفاجئهم تقلباتها، بعكس الطارئين والدخلاء على المشهد، ومن يسير في ركابهم، إذ بمجرد أن تعترضهم واحدة من عِبر الأيام وتقلباتها، أي التي من المفترض أن توقظهم من غفلتهم وسباتهم، تراهم (صرعى) بدلاً من أن تعيد لهم توازنهم؟!!.
** في عالم كرة القدم مثلاً: سنجد هذه الشواهد والمشاهد ماثلة وشاخصة دون أي تكلف، ودون عناء أيضاً، سنجد بأن لكل من تلك المشاهد والشواهد أبطالها وفرسانها وتداعياتها وضحاياها.. كل هذا على الرغم من اليقين الراسخ بأن دوام الحال من المحال، وأن من المستحيلات أن يظل هذا الفريق أو ذاك ممسكاً بزمام الكسب والتفوق وحيداً إلى أبد الآبدين.. وتبقى الفوارق المعتبرة في أن هناك (ثابت) وآخر(متحرك) وثالث (محدث)، و، و إلخ.. ولكي نأخذ مثالاً حياً ومدعماً بالوثائق.. لن نجد من هو أجدر من (الزعيم) كحقيقة لا يضاهيها في وضوحها سوى وضوح الشمس في رابعة النهار.
** ولأنه (ثابت)، والبقية بين متحرك و(متحرّف) وطارئ، ومحدث.. فلا تسل حين يضرب عن عدد الضحايا من جميع الأوان، ولاعما يحدثه ذلك في أوساط تكتلات (بني خيبان) من إعلاميي المسيار الذين ألقوا بألوان فرقهم المفضلة في (...) وتهافتوا على الترزز، والتزين بألوان المتصدر.. ليس من أجل سواد عينيه، وإنما هرباً من واقعهم وواقع فرقهم، وتنفيساً عن تراكمات وترسبات مريرة، وعُقد نفسية مستعصية، نتيجة تفوق وهيمنة الزعيم، وتفرده بالقمة وحيداً دون منافس أو منازع، ولاسيما وهم لا يخجلون أو يتحرجون من التعبير صراحة عما يحدث لهم من انكسارات كلما (صفعهم) الزعيم وخيّب ظنونهم، لعل آخر الشواهد في هذا الصدد هو ما عبروا عنه بخط أيديهم وبألسنتهم في أعقاب لقاء الديربي الأخير، ناهيك عن الهستيريا الفرائحية التي أعقبت موقعة (اغتصاب) كأس سمو ولي العهد عن طريق جزائية خيالية.. بمعنى أننا لا نتجنى عليهم، فهم الذين يدينون أنفسهم بأنفسهم.. وهذا لا يعني بأي حال أنه ليس كغيره من الفرق التي تفوز وتخسر و تتعادل ولكنها لا تفقد (صوابها).
مصائب قوم عند قوم فوائد
** تختلف المصائب في أنواعها وأبعادها وتأثيراتها بحسب ما تمثله من قيمة ومن معنى للطرف المستفيد، وبحسب وقدر ما يتمتع به من قيم إنسانية وأخلاقية، ولاسيما إذا كانت المصيبة من النوع الذي يصيب الجميع دون استثناء مثل (المرض).. أجارنا الله وإياكم من المصائب بكافة أشكالها.
** القصد: ليس خافياً ما تعرض له مدرب الهلال (سامي الجابر) من حروب طاحنة ممتدة، بدءاً من مسيرته كلاعب، مروراً بتجربته كإداري، وانتهاء بوضعه على قمة هرم العمل الفني لكبير آسيا.. وما قامت عليه تلك الحروب من أساليب وأدوات غاية في (الدناءة والقذارة والخِسّة)، إذ بلغت حد التحريض والعمل على القضاء عليه وإنهائه كلاعب بمقابل مادي يسيل له اللعاب حينذاك، لولا وازع من ضمير كامن في وجدان العنصر المكلف بالمهمة.. وما تعرض له منذ أن تم الإعلان عن توليه مهمة قيادة الهلال فنياً، ما هو إلاّ حلقة في مسلسل العمل الممنهج الطويل بغية التخلص من ذلك (الكابوس) الذي ظل يجثم على الصدور، ويسلب النوم من العيون.
** قلت في المقدمة ما معناه: أن حجم ونوع وقيمة الفائدة للطرف المستفيد من مصائب الآخرين، إنما هي مرهونة بقدر ما يختزنه من قيم، ومن قدرة على التمييز بين المباح وضده، بين النافع والضّار، وبخاصة الحالات الاستثنائية مثل المرض.. من هنا أتساءل بألم؟؟:
** أيّ قيمة أو فائدة جعلت من مرض الجابر الذي تعرض له مؤخراً -شفاه الله- مدعاة للشماتة الممزوجة بالفرح والابتهاج، فضلاً عن استغلال حادثة المرض لإضافة المزيد من الشائعات حوله بدلاً من مواساته والدعاء له، فما أصابه قد يصيبنا في أية لحظة.. تخيل أيها الشامت الفرِح أن (والدة سامي) رفعت كفيها إلى السماء وسألت الله أن يريها عجائب قدرته في من فَرِح وتشمت وأشاع كذباً وتجنياً على ابنها في مرضه، خاصة إذا علمنا بأن دعوة الوالد والمظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ومع ذلك أطالبها وأنصحها بدلاً من هذا بأن (تتوسل إلى الله جَلَّ في علاه) لهم بالهداية والشفاء من أمراضهم التي تتضاءل أمامها كافة الأمراض البدنية.
** وما دام الشيء بالشيء يذكر كما تقول العرب : فلا بأس من التعريج على واحدة من الصحف في معرض تناولها للحدث.. إذ عنونت له حرفياً بالقول: (نصيحة طبية تبعد سامي عن التدريب ) وهو ما يُفهم منه صراحة اعتزال التدريب نهائياً، خصوصاً أنها لم تفسر معنى ونوع وكيفية تلك النصيحة الطبية، وهل هي وقتية أم نهائية، في حين أن النصيحة الطبية المتداولة في أوساط الإعلام البعيد عن (الغش والأغراض) إنما تنص على عدم مرافقته للفريق في تلك الليلة.. اللافت للنظر، وإن شئت فقل المخزي: إنها تجاهلت الدعاء له بالشفاء في ثنايا الخبر كعُرف إنساني وأخلاقي يفرضه علينا ديننا الحنيف، قبل الاعتبارات المهنية، وقبل اعتبارات العمل في الحقل الواحد.. الصحيفة ذاتها وقبل عدة أيام نشرت خبر الحُكم القضائي على مدرب الأهلي الإماراتي (كوزمين) تحت عنوان: (مدرب الهلال....) مع أن كوزمين درب في ثلاثة أندية عقب إبعاده (عنوة) من الهلال قبل عدة سنوات.. ولعل ما يدعو للسخرية هو أن تلك الصحيفة ما فتئت تدّعي الريادة، والحق يقال فهي رائدة، ولكن في أمور ومجالات لا تشرّف، وما هذه إلاّ نماذج يسيرة جداً من براعتها الريادية ؟!!.
شوارد
** (مذموم) لا يتداول الإعلام اسمه إلاّ من خلال أحد أمرين كلاهما أقبح من الآخر، فهو يتداوله إما على إثر بذاءة مارسها، وهو ذو باع طويل في ذلك، أو لأنه عوقب على فعل قبيح ارتكبه، وأحيانا على إثرهما معاً!!.. لله في خلقه شؤون.
** مع الأسف، انهزم النصر لأن كارينيو لم يمارس عنصر المفاجأة.. مع الأسف، انهزم النصر لأن اللاعبين ما كانوا في المستوى.. مع الأسف، انهزم النصر لأن سامي استطاع قراءة أوراق كارينيو.. مع الأسف، انهزم النصر رغم أنه كان المرشح للفوز.. مع الأسف، مع الأسف، ترددت ما يزيد على عشر مرات لأن (مرسي الزناتي اتهزم يارجاله).. هكذا كان حال أحد المحسوبين على الإعلام والمستضاف عبر الأقمار الصناعية من ديار حاتم، من العجيب المريب أن المذيع ظل ينصت مستمتعاً بتلك (التأسفات) دون أن ينبه ضيفه إلى أن ثمة فوارق شاسعة ومعتبرة بين ما يمكن تداوله وترديده مع الشلة في المقهى أو الاستراحة، وبين آداب الحديث عبر الشاشة المتواجدة في كل بيت.. مثل هذا التعبير يمكن قبوله لو أن الطرف الآخر في المباراة أحد الفرق الزائرة وليس الضلع الثابت في مقدمة الركب.
** في معرض حديث محسوب آخر على الإعلام عبر أحد البرامج الرياضية الفضائية عن خسارة النصر أمام الهلال قال : خسرنا المعركة ولم نخسر الحرب.. بالله عليكم أي احترام سيوليه لنا الجيران عندما يشاهدون ويستمعون إلى هذا النوع من (الطفح)؟؟!!.