لا شيء يمكن أن يكدرك ويجلب الأسى والألم لنفسك سوى أن تجد نفسك محاطاً بكمية من بوادر الندم أو التخطيط للرحيل من وسط اعتدت أن يكون جزءاً من حياتك وعلاقاتك..!!
أتحدث عن نفسي وعن الوسط الإعلامي الرياضي..!!
لم نعد نفتخر بكوننا إعلاميين رياضيين سعوديين؛ فالصبغة القاتلة عنا هي التعصب وسوء الأخلاق واغتيال الحوار وسهولة الانحدار..!!
وللأمانة، فإن تلك الصبغة حضرت بقوة بعد أن تنامت طفرة الفضائيات الرياضية محلياً وخليجياً، فكشفت وجوهاً بائسة أخلاقياً وعقليات مريضة.. ولن أتجاوز بعض الملاحق الرياضية الهزيلة صحفياً. لكن الظهور التلفزيوني كان حاسماً للوصول بصورة الوسط الرياضي للخارج بالشكل الذي لا نرغب فيه..!!
اعتدنا على الفضائيات، وحاربنا الكثير من سلبياتها، ونجحنا إلى حد كبير.. لكننا وقعنا بما لا يمكن لنا البت فيه أو السيطرة عليه تقنياً.. إنه (تويتر) عملاق الحرية الإلكتروني، الذي أكمل الناقص من مهزلة الإعلام الرياضي السعودي، وأظهر كامل عورته، فغدت تلك الحروف القليلة منهجاً متكاملاً للفوضى الأخلاقية والفتن والشتم والمؤامرات والاستهتار بذريعة الشهرة واستقطاب المتابعين، وبذريعة رسم دور البطولة الجماهيرية حتى وإن كان الثمن انهيار مهنة وخدش سمعة وطن..!!
شخصياً، لا أعيب على من يفعل ذلك السوء، بل أعيب على مراجعهم العملية؛ فكيف تقبل صحيفة أو قناة أو دائرة حكومية أو أي جهة ما أن يكون بينها من يرمي صباح مساء كلمات الشتم والاستهتار، ويتفنن بعبارات النكاية، ويتقن مهارات الكذب..!!
حتى لو كان حسابه الشخصي، فالحرية ليست جسراً فضائياً دون سقف، وغياب الرقابة النظامية لا يعني أن يتم ترك هؤلاء يعيثون بالتويتر فساداً..!!
في الدول التي لا تدين بالإسلام الحاضن لكل القيم الأخلاقية يتم فصل أي موظف إذا ما حرض على الكراهية، أو استخدم الشتم، أو ثبت كذبه، أو انتقص بتعمد من أحد..!!
الحرية لا تعني أن تضع صورتك واسمك، وتكتب «حسابي الخاص، وهنا أمثل نفسي..!!!».
أنت تمثل اسم عائلتك، واسم دائرتك التي تعمل بها، واسم الصحيفة التي تنتمي إليها، واسم والدك ووالدتك وعائلتك، وإن لم يكن لديك ذرة إحساس بكل ما سبق فيجب أن نقول بشجاعة إننا مجتمع سعودي نعاني أزمة أخلاق خطيرة..!!
اليوم يشتمون، ويتعصبون دون رادع.. غداً سيتسببون بتفريق وحدة الوطن وخلق مناخات جيدة للحزبية والعصبية.. ومن يعتقد أنني أبالغ فهو لا يقرأ ما بين السطور، ولا يشاهد رسماً بيانياً لهذا التوجه خلال السنوات العشر الفارطة..!!
اليوم أصبح الكثير من الإعلاميين الرياضيين سوءاً وزارعي فتنة وقلق اجتماعي حقيقي.. فالمسألة تخطت عملية إلهاء المجتمع بالكرة، فقد وصلت لمرحلة البغض وعدم تقبل الآخر والشتم والكذب، وبدأت تأخذ منحى يهدد الأمن الوطني الاجتماعي، وهو ضد ما تأسست عليه البلاد منهجاً ودستوراً ومنهجية..
إذا ما سلمنا بصعوبة الوصول لحل عبر طريق الضمير الإعلامي الذاتي فإن على مؤسسات المجتمع الرسمية الحكومية والخاصة (كما الغرب) أن تسهم بكبح جماح من يهدد المجتمع ببذاءته وكذبه، ويصدر الصورة القاتمة للإنسان السعودي، ولن أستخدم لغة المؤامرة لأقول إن وراء الأكمة ما وراءها، بل نحن بكل شجاعة من زرعنا وأسقينا، وسنحصد المرارة بأيدينا إن لم يتم إيقاف نزف مهنة الإعلام الرياضي وإعادة صورة الإعلام المثير بنقاء.. الحماسي بفن.. المتوثب بأخلاق..!
أستثني كل إعلامي صاحب قيمة ورسالة ومنهج، وأرفع له التحية.. لكني مجبر على أن أقول إن الإعلام الرياضي بالسعودية مات.. مات.. الله يهديك يا تويتر, الله يهديكم يا رقابة..!!
قبل الطبع:
الذين يجعلونك تعتقد ما هو مخالف للعقل.. قادرون على جعلك ترتكب الفظائع (فولتير)