القومية العربية أو العروبة هي الأيديولوجيا القومية، وتعتبر الأكثر شيوعا في فترة الستينيات والسبعينيات مـن القرن العشرين.
ويؤمن القوميون العرب بالعروبة كنتيجة تراث مشترك من اللغة والثقافة والتاريخ، ولا تتقيد بعرق أو دين، وهي هدف معظم العرب وحلمهم القديم.. وإن اختلفت الصيغة!
البدايات الأولى لوعي العرب بأنفسهم، كجماعة مختلفة عن غيرها، تعود إلى قرون سابقة على ظهور الإسلام، ورغم توزع سكان الجزيرة العربية إلى تجمعات متصارعة، إلاّ أن تهديد جيرانهم الأقوياء، من ثلاث جهات، جعلهم يشعرون بروابطهم المشتركة، ويتضامنون في رد محاولات الغزو ضدهم.
أطراف جزيرة العرب، في ذلك الوقت كانت الأكثر استقراراً وتحضراً من العمق، وذلك بحكم قربها وتفاعلها مع جيرانها، ونشأت فيها ممالك، وإمارات عربية صغيرة مستقرة نسبياً.
مثل المناذرة على الحدود مع فارس شرقا، والغساسنة عند حدود البيزنطة شمالا، وحمير وسبأ بالقرب من الحبشة جنوبا، وكانت بمثابة خطوط الدفاع الأولى في مواجهة الإمبراطوريات المجاورة.
أول إرهاصات القومية العربية كانت بعد حملة محمد علي والتدخل الأوروبي. في البداية كانت مطالب القوميين العرب محدودة بالإصلاح داخل الدولة العثمانية، واستخدام أوسع للغة العربية في التعليم والإدارات المحلية، وإبقاء المجندين العرب في وقت السلم في خدمات محلية، ثم ارتفع سقف المطالب مع ثورة عام 1908 في الآستانة وبرنامج التتريك الذي فرضته حكومة لجنة الوحدة والترقي، والمعروفة بتركيا الشابة.
في عام 1913 اجتمع بعض المفكرين والسياسيين العرب في باريس في المؤتمر العربي الأول.
وتوصلوا إلى قائمة من المطالب للحكم الذاتي داخل الدولة العثمانية.. «فاللغة والثقافة هي الأساس والحدود الحقيقية للقومية»..
مثلت الثورة -العربية- في عام 1916- 1918 تلاقي جهود عدة من المشرق العربي، أو من عرب يعيشون خارج وطنهم في الغرب.
تلتها فترة الذروة الناصرية وتيارها القومي، الذي تحطم على عجز الواقع وضعف أساسات البناء والتنمية لفكرة بقيت مجرد حلم!
بعد حرب أكتوبر، كانت المفاجأة التي فجرها الرئيس أنور السادات، بعد أن ألقى خطاباً تاريخياً في الكنيست، وأعلن فيه إقامة سلام مباشر مع إسرائيل، ومن حينها انقسم العرب، وما زال بعض العرب يعاني من الصدمة على ما يبدو، رغم سنوات القطيعة العربية مع مصر التي استمرت عقدا، ورغم -أيضا- تكرار مبادرات السلام العربية وما تلاها من اتفاقيات ثنائية!
انطلقت القومية كنوع من الدعوة الثقافية، لكنها اتجهت في وقت لاحق نحو الوحدة العسكرية إبان الثورة العربية، ثم في قمة تصاعدها إبان المد الناصري، الذي أصبح رمزا قوميا.. لكن البحث عن القومية وتحقيق وحدة عربية ولو مصغرة فشل سياسيا وعسكريا.
والحقيقة أنها -أي القومية- قد بدأت بآمال وأحلام كبيرة، ولم تخلُ من تضحيات معتبرة، ولكنها انتهت بإحباطات عميقة لأبنائها، إحباطات ما زالت آثارها الجانبية حادة، وصل «للكفر» بها، فالفكرة السياسية والعسكرية التي جربت حتى في حروب العرب الأخيرة مع إسرائيل فشلت ذريعا.. وصولا إلى الإخفاق السياسي العربي المشترك عبر منظومة جامعة الدول العربية.
لم يتبق مما لم يجربه العرب سوى (وحدة اقتصادية)، خارج الصراعات السياسية والجغرافية.. والعسكرية طبعا، وهو ما قد يبدو الحل في خلق بيئة اقتصادية مفتوحة وحازمة ومنفتحة على الآخر.. فكرة تشبه دبي .. أكثر من دبي واحدة ربما ..!