رحبت القوى السياسية والدبلوماسية المصرية بقرار المملكة والإمارات والبحرين الخاص بسحب سفرائها من قطر، وأوضح الخبراء المصريون أن إقدام المملكة على هذا القرار معناه أنها اكتشفت أن قطر تمثل «خطراً على الأمن القومي العربي»، مشددين على أن النظام القطري دأب في الآونة الأخيرة على عدم الالتزام بالمبادئ الموقعة في الاتفاقيات بين الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، والتي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول الشقيقة بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي، لكن قطر - بحسب الخبراء المصريين - ضربت بكل الاتفاقيات عرض الحائط، فكان لزاماً على العواصم العربية المؤثرة مثل الرياض اتخاذ قرارات رادعة تجاه قطر، لافتين إلى أن المملكة معروف عنها دائماً أنها تسعى للم شمل الأمة العربية، وأن هذا القرار هدفه الأساسي معالجة الخلل في النظام العربي المشترك.
في البداية أوضح السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن المملكة فاض بها الكيل من سياسات قطر تجاه مصر وقناة الجزيرة، ولفت إلى أن الكويت والمملكة عقدتا في نوفمبر الماضي قمة في الرياض بين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأمير قطر الشيخ تميم، لبحث الدور القطري لتأييدهم لجماعة الإخوان المسلمين وموقفهم من التطورات في مصر، وقال إن المملكة وجهت تنبيهاً لقطر، إن لم تتراجع عن موقفها في مصر ودعمها للإخوان فإن مجلس التعاون الخليجي سيتخذ قراراً في هذا الشأن، وتوصلوا لاتفاق بالتراضي لإعطاء فرصة لقطر، مهلة خلالها تعدل من سياساتها وسياسة قناة الجزيرة، ويبدو أنه لم يتحقق المطلوب، بالإضافة إلى أن هناك خلافات مع قضايا أخرى منها العلاقات مع إيران وبعض الأطراف العربية. وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: إن قطر تتخذ مواقف مخالفة لدول مجلس التعاون الخليجي مما أغضب المملكة والإمارات، مضيفاً أن المملكة فاض بها الكيل وبدأت أول نوع من الضغط على قطر، وأشار حسن إلى أن هناك تنسيقاً في السياسات العامة بين المجموعة الإقليمة في دول مجلس التعاون الخليجي، وقطر تخرج عن هذه القاعدة، مما أثارت غضباً في المملكة وقلقاً في الكويت واستياءً في الإمارات.
من جانبه قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري السابق: إن خطوة استدعاء وسحب السفراء بين دول الخليج إجراء غير مسبوق بين دول مجلس التعاون الخليجي، وسياسة شديدة اللهجة للحكومة القطرية. وأضاف هريدى: إن الهدف من سحب المملكة والإمارات والبحرين سفرائها من قطر خطوة جاءت بعد صبر طويل بين أغلبية دول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ورسالة قوية جداً للشيخ تميم في قطر، بأن عليه إعادة تقييم سياساته في العالم العربي وعليهم التوقف عن التدخل وتمويل بعض الجماعات المسلحة في العالم العربي.
كما اعتبرت أستاذة العلوم الدولية الدكتورة نورهان الشيخ، أن قرار الدول الخليجية الثلاث المملكة والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من قطر «صائب» وبه رؤية حكيمة بعد التهديدات التي تواجهها المنطقة، وأضافت أن قطر أصبحت دولة راعية للإرهاب في المنطقة وحاضنة للتطرف بدعمه مادياً وسياسياً، وأكدت الشيخ أن قطر شريكة في إراقة الدم المصري وهي المحرض على الجريمة، وأعربت عن أملها أن تتخذ بقية الدول العربية الأخرى موقفاً مماثلاً للموقف الخليجي قبل انعقاد القمة العربية التي ستنعقد في الكويت نهاية الشهر الجاري.
في حين أكد الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية أن سحب الدول العربية للسفراء يعد خطوة على الطريق الصحيح وخصوصاً أن قطر تقوم بدور سلبي في المنطقة بعد قيام ثورة 30 يونيو، وعلى ذلك فهذة المقاطعة لقطر ستكون بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، وأوضح عودة أن الاقتصاد القطري سيتدهور لدرجة كبيرة، إذ إن المملكة والبحرين كانت لهما أعمال حيوية في قطر، وسحب السفراء سيؤثر بشكل سلبي غير مسبوق على الاقتصاد القطري. وقال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية إن سحب الدول الثلاث سفرائها من قطر يعد بمثابة قطع الماء والهواء عن هذه الدولة الصغيرة التي كانت تعتمد اعتماداً كلياً على السعودية والإمارات في كل الأعمال الاسثمارية والبترولية. وتابع نافعة: إن قطر بذلك ستعمل على النظر في علاقتها مع تنظيم الإخوان حيث إن المصلحة هي من ستحكم بناء العلاقات، فإذا كانت العلاقة مع الإخوان ستؤدي الى الضرر بمصالح قطر فحتماً سيتم اختيار مصلحة البلاد على مصلحة أي أحد آخر.
كما أعرب الدكتور عبد العزيز عبد الله رئيس منظمة الشعوب والبرلمانات العربيَّة عن تأييده للقرار وقال: إننا نتمنى أن تحذو مصر وباقي الدول العربيَّة حذو المملكة والإمارات والبحرين وخصوصًا أن ما يحدث من قطر تجاه مصر أكبر بكثير مما يحدث منها ضد هذه الدول الثلاث.
وأضاف أن هذا القرار يُعدُّ أكبر دليل على سياسة قطر الخاطئة تجاه الدول العربيَّة وانحيازها للجماعات الإرهابيَّة التي تعمل على زعزعة أمن واستقرار الدول العربيَّة، مؤكِّدًا أن قطر ستصبح في عزلة عربيَّة ودوليَّة بعد هذا القرار.
إلى ذلك قال الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير السياسي، ورئيس تحرير مجلة الديمقراطية: إنّه كانت هناك محاولات كثيرة من عدد من الدول العربيَّة لجعل قطر تتراجع عن سياساتها المعادية للدول العربيَّة والمساندة للتنظيمات الإرهابيَّة إلا أن قطر لم تمتثل لهذه المحاولات.
وأضاف أن سياسات قطر تُهدِّد أمن العديد من الدول العربيَّة من خلال دعمها لجماعة الإخوان والمنظمات المرتبطة بها، وكانت هناك محاولات للضغط عليها لإثنائها عن ذلك إلا أن جميع هذه المحاولات فشلت مما اضطر دول الخليج لسحب سفرائها عن قطر.
وأوضح أن سحب السفراء قد يجعل قطر تعيد التفكير في دعمها للإخوان وسياساتها التي تتخذها خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن السياسة القطرية جاءت من خلال قرار أمريكي، وقطر مضطرة أن تسير في تلك السياسة.
كما أكَّد تامر القاضي عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية بمصر، أن الخطوة التصعيدية للمملكة والإمارات والبحرين بسحب سفرائهم من قطر خطوة غير مسبوقة بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشار القاضي إلى أن الدوافع وراء هذه الخطوة التصعيدية هو استمرار قطر في العبث بالأمن القومي العربي وموقفها العدائي من مصر وعدم الرضوخ للنصائح الخليجيَّة بالكف عن دورها المشبوه في زعزعة الاستقرار في المنطقة لصالح أمريكا وإسرائيل.
وأضاف القاضي، أن قطر تحاول أن تلعب دورًا أكبر من حجمها في المنطقة لافتًا إلى أنها تحاول دائمًا مناطحة الكبار ولا تريد أن تفهم وتعي حجمها الطّبيعي حسب قوله مستندة على الأموال الضخمة والعلاقات المشبوهة مع أمريكا وإسرائيل على حد قوله.
وشدَّد عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية أن قطر تظن امتلاكها القدرة على قيادة المنطقة ولا تريد أن تفهم أن للمنطقة العربيَّة قادة لن يتغيَّروا مهما كانت الظروف والأحداث
في حين وصف الشيخ سامح عبد الحميد عضو الدعوة السلفية، القرار الصادر عن المملكة والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من دولة قطر بأنه «نتيجة طبيعيَّة» ورد فعل لأفعال قطر التي تتسم بالرعونة السياسيَّة ومحاولة العبث بأمن الشقيقة الكبرى مصر وزرع الفتن والقلاقل. وقال عبد الحميد: إن مواقف الحكومة القطرية تزيدها عزلة عن الأمة العربيَّة، بل تحوّلت لموقع العداء، منتقدًا ما أسماه بـ»إيواء الهاربين» من مصر في قطر، وتسخير قناة الجزيرة لنشر الأكاذيب والإرهاب، ووجود القواعد الحربية الأمريكية الدائمة بقطر.
كما قال المهندس معتز محمود نائب رئيس حزب المؤتمر: إن هذا القرار معناه أن هذه الدول اكتشفت أن قطر تمثِّل «خطرًا على أمنهم القومي».
وأضاف أن سحب تلك الدول لسفرائها يُعدُّ خطوة لإبعاد قطر من مجلس التعاون الخليجي، ونتمنى من الشعب القطري أن يستوعب أن الدرع الحامي له هي دول الخليج وليس أمريكا، التي من المعروف عنها أنها تسعى خلف مصالحها، مضيفًا: «عندما تشعر أمريكا بأن علاقتها بقطر تُهدِّد مصالحها ستقوم بالتخلي عنها».
وطالب نائب رئيس حزب المؤتمر «حكومة قطر» بإعادة حساباتها السياسيَّة وتفضَّل أمنها وأمن الأمة العربيَّة على مكسب سياسي «توعدها» به أمريكا وناشد الشعب القطري وحكومة قطر بضرورة الائتلاف والاندماج مع الأمة العربيَّة قبل فوات الأوان، وألا تكون قطر «رأس» الحربة التي تستخدمها أمريكا وإسرائيل لتفتيت باقي الدول العربيَّة بعد تفتيت السودان والعراق وسوريا وليبيا، وطالب معتز محمود الحكومة المصريَّة أن تعطي مهلة لقطر لإعادة حساباتها، وفي حالة إصرار حكومة قطر وليس الشعب أن تكون رأس الحربة لتفتيت الأمة العربيَّة فلا بُدَّ من سحب السفير المصري من قطر.