ونحن في قرب نهاية كثافة عقد المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش وورش العمل واللقاءات العلمية والدراسات والأبحاث وغيرها، التي هي - بلا شك- ظاهرة صحية إذا ما أحُكمت أهدافها ومبرراتها وتم تفعيل مخرجاتها في الوجه الأمثل لخدمة الوطن واقتصاده.
هذه المناشط المختلفة التي تعقد سنوياً، يتمخض عنها مئات التوصيات والأفكار الجديرة بالاهتمام وجلها يصب بخدمة الوطن والمواطن بشكل مباشر، آخرها منتدى الرياض الاقتصادي، ومنتدى الأحساء للاستثمار، ومنتدى المدينة الاستثمارى. هذه التوصيات والأفكار تتفاوت أهميتها وقيمتها وظروف طرحها، وهي خلاصة تجارب عملية وعلمية بُذل فيها الجهد والوقت والمال.
طبيعياً، هذه التوصيات أو الأفكار ترفع للجهات ذات العلاقة، كثير من تلك التوصيات لا يتم الأخذ بها لأسباب كثيرة منها عدم إمكانية تطبيقها أو جاءت في ظروف غير مناسبة كمثل نقص في الإمكانيات المالية أو الكوادر البشرية الكفيلة بتنفيذها أو عدم القناعة باهميتها أو واقعيتها أو الضعف في صياغتها، أو تم تفعيلها منذ فترة...إلخ، ونتيجة لذلك تصبح حبيسة الأدراج.
هذه التوصيات التي لم يُؤخذ بها - ربما- تناسب في وقت آخر وتكون الظروف مواتية لتنفيذها، أو إعادة النظر فيها وتصبح قابلة للتنفيذ، أو يُستفاد منها في جهات أخرى ليست حكومية كمؤسسات المجتمع المدني أو المؤسسات الخيرية أو القطاع الخاص.
فمثلاً مجلس الشورى ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تطرح فيهما الكثير من التوصيات والأفكار والرؤى والمقترحات النوعية بصورة مستمرة إضافة لما يطرح في الفعاليات أو المناشط الأخرى، وهاتان الجهتان - بشكل خاص- بحاجة للاطلاع على ما يُطرح أو طرح في السابق من أفكار ورؤى للاستفادة منها.
تقنياً، ما أحدثته ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات من سرعة وسهولة الوصول للمعلومة والسعة التخزينية العالية مع تكلفة رخيصة، يحتم علينا الاستفادة المثلى من هذه التقنيات خاصة ونحن - بحمد الله- لدينا بنية تقنية مناسبة جداً مقارنة مع كثير من الدول. فما أراه أهمية إيجاد مستوع وطني إلكتروني أو رقمي (Thinks Tank) كقاعدة معلومات لتلك التوصيات والأفكار والرؤى التي تُطرح على مستوى الوطن، في ظل غياب مؤسسات خاصة تقوم بهذا الدور كما هو معمول به في بعض الدول الغربية كأمريكا، ولم يتم الأخذ بتلك التوصيات لأسباب ذكرتها أعلاه، تكون مصنفة ومبوبة بطريقة علمية يمكن الرجوع إليها بسهولة وسرعة عند الحاجة ومن خلال تلك القاعدة يتم معرفة ما تم بشأنها، وبالتالي يُختزل الزمن ويُوفر الجهد والمال من خلال الاستفادة المُثلى من ذلك المستودع للمهتمين وصنَّاع القرار بوجه خاص، واقترح أن يكون كوحدة مستقلة أو جزء من مكتبة إحدى الجهتين; مجلس الشورى أو مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.