قال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية أمس الأول إن وحدات الجيش تعقبت خطى خمسة أشخاص؛ يُشتبه في ضلوعهم في تنفيذ عمليات إرهابية انطلاقاً من جبل الشعانبي بمحافظة القصرين (250 جنوب شرق العاصمة)، حيث لا تزال المجموعة المسلحة تتحصن منذ أكثر من عام. وكانت وحدات الجيش والشرطة التي تلاحق هذه العناصر الإرهابية قد اشتبهت في خمسة أشخاص، وظلت تطاردهم إلى أن ألقت القبض عليهم، ثم قامت بتسليمهم إلى أعوان أمن المحافظة، وسيتم التحقيق معهم، فيما تواصل بقية القوات المشتركة على الحدود مع الجزائر تقفي آثار البقية، وتضييق الخناق عليها بهدف إرغامها على الاستسلام. إلا أن المهمة تبدو شاقة بعد ورود معلومات استخباراتية، نشرتها إحدى الصحف المحلية أمس، مفادها أن عناصر تنتمي إلى حركة «حماس» الفلسطينية نجحت في الوصول إلى جبل الشعانبي والتمركز بشعابه، وتولت حفر أنفاق داخله منذ أواخر سنة 2010 تنفيذاً لتعليمات دول أجنبية في إطار مخطط تقوده.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» كان - وفق مصادر إعلامية موثوقة - قد أكد خلال زيارته الأخيرة إلى تونس منذ أيام قليلة ضرورة التعجيل بتأمين الحدود الجزائرية من الجانب التونسي، وكان متشدداً في هذه النقطة بالذات «وذلك في ظلّ تصاعد التأكيدات حول تواصل إصرار دول غربية كبرى على خلق الفوضى داخل الجزائر، من خلال إحياء نعرات الأقليات في هذا البلد، والتسويق لـربيع جزائري، ثم فتح جبهات حدودية عدة، خاصة من تونس وليبيا ومالي، تقودها جماعات متشددة». وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة «الشروق اليومية» ذات الانتشار الأوسع محلياً إلى أن «تقارير مخابراتية أجنبية أكدت أن عناصر تابعة لحركة حماس الفلسطينية تمكنت من دخول جبل الشعانبي منذ النصف الثاني من عام 2011، وقامت بحفر أنفاق طويلة داخل الجبل بغاية تهريب الأسلحة والأشخاص؛ حتى يكون جبل الشعانبي بمنزلة نقطة انطلاق لتنفيذ هجمات قوية على المراكز الحدودية التونسية الجزائرية». المصادر نفسها تؤكد أن «لافروف» أفاد نظراءه التونسيين بأن «المخابرات الروسية على علم تام بأدق التفاصيل وأكملها عما يحدث في جبل الشعانبي»، وبيّن أن هذه العناصر الفلسطينية هي المسؤولة عن تزويد الجماعات المسلحة بالجبل بالدعم اللوجستي. وهي معلومات - إن صحت - من شأنها أن تقلب الموازين وتغير نظرة المجتمع التونسي إلى مسألة الإرهاب التي لا تزال تقض مضاجعه، خاصة في ظل تكرر العمليات الإرهابية وتغير تكتيك الجماعات المسلحة التي تحولت من الجبل إلى المدن والأرياف؛ وأضحت تهدد السكان وتروعهم. إلا أن المحللين السياسيين لا يثقون بصحة هذه المعلومات الاستخباراتية على خلفية أن الجماعات المسلحة لا تزال تستهدف البلاد والعباد؛ وبالتالي فإن فكرة إنشاء منطقة عبور من جبل الشعانبي إلى الجزائر لا تستقيم إطلاقاً، على ضوء ما يسجل كل مرة من اعتداءات على الآمنين التونسيين في محافظات داخلية بعيدة عن الحدود التونسية - الجزائرية.