أستغرب أن يكتب الأستاذ ناصر الصرامي في جريدة الجزيرة (الموسيقى لا تمنح الشعور بالمتعة فقط.. بل لها فوائد صحية نتيجة التناوب المنتظم بين الشعور بالإثارة والارتخاء فضلا عن تهذيب الأنفس وتقليل توحشها ورغباتها العدوانية، إنها تنشط الجسم وتزيد من كفاءة العضلات. فن لابد من الاعتراف بقيمته والاستفادة منه كقيمة روحية ومعنوية ترتقي بالنفوس وتسمو بها) أستغرب هذا القول من الصرامي؛ إلا أن يكون قد تتلمذ على كتاب «الموسيقى «للفارابي» كما قال، والذي يدعو إلى أن يكون بين يدي الطلاب والطالبات ليدرسوه! فهو يؤمن بمقولة ابن سينا إن الغناء واحد من ثلاثة تسكن الأوجاع! ولأنها قناعاته الشخصية وهو حر في ذلك، لكنه لن يقوى على المراوغة بتلك السطور التي خرج بها علينا ليتحدث عن فوائد الموسيقى، وهو يتلو قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} (لقمان:6) قال أهل العلم بالتفسير: ولهو الحديث عام يشمل الغناء والمزامير وكل كلام باطل، وكذلك لن يقوى على مخالفة ما اتفق حوله العلماء في هذا الحديث الشريف فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف...» الحديث، وهو حديث صحيح لا شك في صحته، وقد رواه البخاري، ولو حاول الصرامي أن يقول بأن هناك من صرّح بجواز سماع الأغاني والموسيقى، فسيسمع من ( أحد طلاب المدارس) ممن يريد الكاتب أن يضع بين يديه كتاب الموسيقى للفارابي، ليتلو عليه قول الله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} وعكس ما ذكره الصرامي من أن الموسيقى تهذب النفس، وتقللّ من توحشها، فقد أثبتت دراسات حديثة الآثار السلبية للموسيقى على الجهاز العصبي، وفقدان التركيز، والتسبب في الجمود الذهني، وتشتت الذهن والانتباه، وارتفاع ضغط الدم بعكس قراءة القرآن الكريم الذي هو العلاج الشافي الحقيقي للانفعالات، والتوتر، وهو المدرسة التي تهذب النفوس، ويزيد من تركيز الإنسان، ومن إعمال تفكيره، أما الموسيقى فلا يمكن لها إلا أن تكون مشتتة للذهن، مبلدة للإحساس، داعية إلى الخيالات التوهمية، وكلما كانت الموسيقى صاخب- وأقصد بذلك الموسيقى الغربية بأنواعها الهارد روك، والهيفي، والهيب هوب وغيرها، وقد استهوت الشباب السعوديين وها نحن نشهد تزايد «الرابريين» وهم أصحاب أغاني الراب - كانت دماراً لصحة الإنسان.نسأل الله أن نكون مفاتيح خير، مغاليق شر، واليوم ونحن نشهد تداعي الفتن من هنا وهناك، واتساع دائرة الشر، نتمنى ألا يكون تفكير بعضنا محدودا، بما يشغلنا، ويشغل هذا الجيل الناشئ، عما هو أهمّ للأمة والوطن، فقد وصل الحال ببعض شبابنا إلى الوقوع في انحرافات دينية، وظلم وبهتان أن نسمع من يقول إن الخطاب الديني الوعظي متهم أو سبب في نشوئها، فضعف الإيمان هو المسئول عن تلك الانحرافات، وإن كنت أشدد على مسألة الرفق واللين في لغة الخطاب الديني، ولا يعني الرفق أن يتنازل المرء عن مبادئ دينه، وتعاليمه، لكن قد يكسب المرء بالرفق واللين، ما لا يكسبه عن طريق التشدد والغلظة .حفظ الله ديننا ووطننا وولاة أمرنا من كل سوء وفتنة.