ظهرت إلى النور خلال السنوات القليلة الماضية أعداد كبيرة من المجلات الاجتماعية المتخصصة، وهذا أمر مقبول، إذا كان يسهم في توعية القراء، وإثراء ثقافتهم، ومعرفتهم بالكثير من خبرات الحياة، ولكننا ابتلينا بنوعية أخرى من المجلات المتخصصة في عروض الجريمة، والموضة، وآخر صراعات المكياج، والتجميل، والأزياء..إلخ، مما يسبب أضراراً بالغة للفرد والمجتمع. فهذه المجلات تقدم ضمن موادها سمومًا تضر بأبنائنا وبناتنا اجتماعيًا، خارجة بذلك عن الهدف الذي تم التصريح بإصدارها من أجله، ومن ذلك أنها تروي الجرائم بأدق التفاصيل، خاصة الجنسية منها! وتروي كيفية وقوع برامج القتل والسرقة والمخدرات، كأنها تضع آلية لارتكابها من جديد! فضلاً عن أن بعضها الآخر يركز على جسد المرأة، باعتبارها اهتمامه الأول، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة ونقطة نظام، هذه المجلات سواء التي تنشر أخبار الجريمة أو التي تركز على جمال المرأة وأنوثتها من خلال التركيز على أدوات التجميل والمكياج، تشكل مشكلة ليس في المجتمع السعودي فحسب، بل في كل المجتمعات العربية منها! وهذه النوعيات من المجلات- كما تؤكد البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية، تساعد على انتشار الرذيلة، أو بمعنى أكثر تحديدًا تساعد على زيادة معدلات الجريمة، وبخاصة بين الشباب الذي ليست لديه أي دراية أو خبرة، كما أنه لم يصل بعد لسن النضوج لهذه الجرائم، وبخاصة جرائم تعاطي وإدمان المخدرات، والاغتصاب والاعتداءات الجنسية المثلية، والتحرش الجنسي، كما تؤكد الدراسات أن معظم الأحداث يقف وراءه هذا الزخم الإعلامي الذي تبرزه هذه المجلات.
هذه المجلات تفتح عيون الشباب على مواضيع قد تكون مدركة بشكل معين، فإذا بهم ينظرون إلى من يمتلك المخدرات على أنه سوف يصل إلى الغنى والشهرة بسرعة، وكذلك ينظرون إلى الجريمة على أنها ذكاء وشجاعة وحل للمشكلات، أما المجلات الأخرى فتجعل الفتيات يرتدين ملابس حسب ما تعرضه هذه المجلات، وتتصور الفتاة أن هذه الملابس والتعري إنما هو من طريق الإغراء، والتوصل إلى الشباب بسهولة، ومن هنا تعمل على جذب الانتباه والتباهي بهذه الأساليب الهابطة، أما بخصوص نشر الأمور التي تختص بالمرأة وتجميلها و«موضتها» فهذا أمر له أيضًا تأثير خطير، إذا رٌكز فيه على جمال المرأة، وأنوثتها، بأسلوب الإغواء والإغراء، إذ يضر بالكثيرين خاصة المراهقين والشباب، وأنا لا أنكر وسائل الإعلام ومنها الصحافة في نشر الوعي الأمني، وثقافة المرأة من أجل جمالها وأناقتها، ولكن ينبغي أن يتم النشر بالطريقة المثلى من غير إثارة للغرائز أو نشر للرعب في المجتمع،إذ يمكن أن يكون بأسلوب القصة الهادفة أو بأسلوب السؤال والجواب، ولطالما نشر الرسول عليه الصلاة والسلام بين الرجال والنساء من أمته بهذا الأسلوب، كما صور القرآن الكريم لنا قصصًا هادفة، وطرح علينا تساؤلات كثيرة لكي نأخذ منها العِبرة والعظة، ولكن بدون استخدام الأساليب المثيرة للغرائز. لذا أرجو من المسؤولين أن ينظروا بعين الاعتبار لهذه القيم الجديدة التي تؤثر على عاداتنا وقيمنا الإسلامية الأصلية وتكاد تضعفها، كما أرجو أن يكون التحرك سريعًا قبل فوات الأوان، وخسارة ثروتنا من الشباب.