في الوقت الذي ما زال مجلس الشورى يناقش موضوع إقرار الزكاة على الأراضي البيضاء، حيث أعادت اللجنة المختصة في المجلس صياغته للتصويت عليه، أكد عقاريون لـ «الجزيرة» أن مثل هذه الإجراءات ستزيد من المضاربة في مثل هذه الأراضي، ويقول المتخصص في التخطيط العمراني فهد الصالح «إنه في حال تم إقرار الزكاة على الأراضي البيضاء، فإن ذلك سيحجم من المضاربة على الأراضي البيضاء لحد كبير، لأن ذلك سيجعل المضاربين بالعقار -وهم يمثلون شريحة كبيرة من محتكري الأراضي- يقومون بتصريف الأراضي التي يملكونها، وهذا سيوفر معروضاً أكبر من الأراضي يفوق الطلب، وبالتالي إمكانية انخفاض الأسعار لوفرة العرض، ومع ذلك يجب أن يواكب قرار فرض الزكاة قرارات مساندة تحد من عمليات المضاربة والتداولات العقارية خصوصاً في المرحلة الأولى من إقرار فرض الزكاة، لأنها ستشهد عمليات تداول وبيع وشراء كبيرة من قبل المتعاملين في سوق العقار».
وأكد الصالح أن فرض الزكاة على الأراضي البيضاء سيعمل على خفض الأسعار لاسيما الأراضي التي تقع داخل النطاق العمراني للمدن، لكن ستبقى فئة من بعض ملاك العقار ورجال الأعمال لن يؤثر القرار عليهم، إذ إن ما سيدفعونه للزكاة سيضيفونه على قيمة الأرض وبالتالي سيرفعون من أسعار بعض الأراضي، لافتاً إلى أن هنالك فئة أخرى يجب التنبه لها ستعمل على التحايل والتلاعب على النظام للتهرب من دفع الزكاة، فقبل حلول العام قد يقومون بنقلها بأسماء آخرين وهكذا، وهؤلاء بلاشك سيكونون قلة قليلة يستطيع المعنيون مراقبتهم وفضحهم، وفي المجمل سيستفيد القطاع العقاري من إقرار فرض الزكاة على الأراضي، لأنه سيسهم في مكافحة التضخم والاحتكار، وهذا سيؤدي إلى خفض الأسعار وحدوث توازن سعري.
وعن أهم الآثار الإيجابية التي ستنعكس على الوضع الاقتصادي بوجه عام والعقار بوجه خاص قال الصالح: هناك العديد من الآثار الإيجابية لإقرار الزكاة على الأراضي البيضاء، فهذا القرار هو الحل الأمثل لفك احتكار الأراضي البيضاء الموجودة ضمن النطاق العمراني بالمدن، فليس من المعقول أن تترك أراضي شاسعة داخل النطاق العمراني ومخدومة بكل الخدمات ولا يتم تنميتها في ظل أزمة السكن الحالية، كما أن هذا القرار سيغير من المفهوم السائد لدى العقاريين في أن الأرض لا تأكل ولا تشرب وستصبح الآن تكلف مقداراً محدداً للزكاة بشكل سنوي دون أن يستفيد منها، وبذلك سيكون العرض أكثر من الطلب، وهذا سيحد من غلاء الأسعار وبالتالي وصول أسعار الأراضي لمستويات معقولة ومناسبة لكل طبقات المجتمع، كما أنها ستعالج قضايا أخرى ترتبط بارتفاع أسعار الأراضي السكنية كالبطالة والفقر.
من جانبه قال الخبير العقاري عباس آل فردان: مما لا شك فيه في حالة فرض رسوم الزكاة على الأراضي البيضاء سيؤدي إلى الحد من المضاربة عليها، ولاحظنا في الآونة الأخيرة لجو بعض ملاك الأراضي ذات المساحة الشاسعة خارج النطاق العمراني تحويلها إلى قطع صغيرة تباع بأسعار رخيصة، هروباً من دفع الزكاة في المستقبل، ولا ننسى ستؤدي الضريبة إلى ارتفاع أسعار الأراضي على المستهلك النهائي لها إذا لم تضع إليه مقننة للحد من ذلك. وأضاف آل فردان: عند تطبيق القرار سوف يسهم في ارتفاع العرض وانخفاض الأسعار، أو عرضها للبيع كأراض خام من أصحابها الذين ليست لهم قدرة على تطويرها أو دفع الزكاة، مما يسهل بيعها للمطورين أو أي جهة أخرى، إذ من الملاحظ في الفترة الماضية قيام بعض أصحاب الأراضي البيضاء بطرح أراضيهم للبيع قبل تنفيذ القرار ببيع الأرض أو تجزأتها إلى أراض صغيرة لتسهل عليهم البيع، فالقرار سيعمل على استثمار الأراضي الواقعة داخل المدن ومعرفة الأراضي غير المملوكة داخل النطاق العمراني، حيث إن عدداً كبيراً من مناطق المملكة تضم عدداً كبيراً من الأراضي البيضاء داخل نطاقها العمراني غير مستفادة، ما زاد من ارتفاع أسعارها مع النهضة العمرانية التي تشهدها تلك المناطق، إذ إن أسعار المتر لتلك الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسة كادت تصل أسعارها مثل الأرضي المخدومة. ومع تطبيق القرار ووضع آلية محكمة لتنفيذه سنجد تراجع بعض الأسعار في بعض المناطق يتراوح بين 10 إلى 30 في المائة، وذلك بحسب موقع الأرض البيضاء لكل منطقة، وقد يزيد أو يقل عن ذلك. وأضاف: القرار سيقضي على بعض ظاهرة احتكار الأراضي ذات المساحات كبيرة من الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني وخارجه، وتتحول إلى أراض سكنية، طبعاً الأمر الذي سوف يخفف من معاناة المواطنين ولا سيما الشباب في الحصول على سكن أنّ في فرض الضرائب على الأراضي البيضاء داخل المدن لن يكن مجدياً إذا لم تكن الآليه مقننة وإجبارية في بعض الأحيان، لأنّ الضرائب دائماً تكون بأسعار رمزية وأرباح تلك الأراضي سنوياً بالملايين، فمن يكون ربحه سنوياً يقارب المليون لن تضره ضريبة أقل من مبلغ الربحية، وكذلك لا ننسى بعض تلك الأراضي البيضاء لا يستطيع أصحابها بيعها لكونها ملك ورثة وربما بينهم قصر أو ربما تستغرق عملية تقسيم التركة سنوات، فمن الظلم أن تفرض ضريبة على أرض كان السبب في تأخر بيعها أمراً إجبارياً لا حولهم فيه ولا قوة، فيجب النظر إلى مثل هذه الفئة في المجتمع. وبين آل فردان بأن هذا القرار يعد نقلة نوعية للقطاع العقاري الذي يشمل تشريعات مهمة ستساعد على استقرار السوق ومنح القدرة على تمكين الأفراد من التملك.