قد حصل ما لم يحصل في دنيا الإقلاع والهبوط، منذ أن انتقل إلى الطيران، هذا الإنسان الذي كان يمشي على رجليه بجوار الدوابّ التي تدبّ الأرض زحفاً ومشياً!
إنه لغريب!
إنه لجديد!
وهل سيبقى ينقله التاريخ جيلاً عن جيل، على أنه لمعجزةٌ ظلّ يؤكّدها الإيمانيون من الدروايش والكهنة في الصوامع والجوامع، وينكرها العلمانيون من القباطنة والمهندسين في قمرة القيادة وكليات هندسة الطيران المدني؟!
أم أن الساعات المقبلة ستشكف اللغز بعد ورود «معلومات جديدة» نقلها البيت الأبيض عن طائرة واصلت التحليق لساعات عدة بعد اختفائها عن شاشات الرادار قبل سبعة أيام؟!
في دنيا الإقلاع والهبوط للملاحة الجوية، إنه لطبيعي ومعتاد أن تعود الطائرات للأرض بعد الإقلاع بالهبوط عادةً والسقوط أحياناً.. لكن الطائرة الماليزية البوينغ 777، بتأكيد الإقلاع ودون تأكيد الهبوط أو السقوط اخترقت جليد الروتين!.. فغلّقت الأبواب والنوافذ للعقول، وأتاحت الفرص لما وراء العقل البشري من الأرواح المغناطيسية والناطقين بها من نوّاب الجن والعفاريت!
كل الطرق المؤدية إلى روما تؤكّد أن لا طائرة تبقى تحلّق في السماء ستة أيام بخزان الوقود، إلا أن طريقين إلى الجنة والجحيم يؤكدان غير ذلك، بأن الطائرة تكون قد اخترقت دون إذن من المشايخ والبابوات، مناطق خافية عن عيون البشر ويسكنها الظلام والغبار، وهي مكتظّةٌ بالسكّان في أضواء مصباح علاء الدين! هناك من ألمح لي برسالة ضمنية على تويتر وفيسبوك بأن طائرة بوينغ 777 وهي من أكثر الطائرات أماناً في العالم وعلى متنها 239 شخصاً، كانت وبعد التحليق لمدة أربع ساعات قد اجتازت 2200 ميل، فبلغت المحيط الهندي أو باكستان أو حتى بحر العرب.. وعليه فإن هذا الكاهن الفيسبوكي والتويتري الذي يصدّعني دائماً على حسابي في الفيسبوك، يتكّهن، بل يؤمن بقوة أن الطائرة ذاتها، ما زالت محلّقة معلّقة فوق جثمان بن لادن، حيث ألقى الأمريكان بنعشه في البحر بتلك المناطق!
وإن صحّ تحليل درويشنا (اللادني) هذا، فإن الطائرة الغائبة المنتظرة لا يكشفها الرادار والأنظار، وهي في انتظار إذن عبور فوق النعش وبتجميد جليدٍ لا يذيبه إلا الدعاء من أعماق البحار بباكستان أو الدعاء من قمم الجبال بأفغانسان! وبما أننا دخلنا عالم الافتراضيات، فلنفترض أيضاً عودة هؤلاء الركاب 239 شخصاً أحياء، بأنهم سيعودون قريباً إلى الأرض، ليتواجهوا على بوابة الطائرة بسيل وأمواج العدسات والمايكروفونات عن مذكراتهم في تلك الأيام السبع وهم يأكلون ويشربون على أيدي المضيفين والمضيفات من الجن والحوريات!
ترى ما هو أول سؤال سيتم توجيهه إلى هؤلاء؟!
ومن الطبيعي جداً، أن يأتيهم السؤال الأول من أمن أهل الأرض بالتحقق من الهويات والجنسيات أن لا يكون بينهم مدسوس من متسلّلي كواكب أخرى.. فيا أيها العائدون للأرض سالمين غانمين بأنصاف هويات أهل السماء، هل أنتم 227 راكباً كما كنتم؟ وفيكم 153 سائحاً صينياً؟ و38 راكباً ماليزيا؟ و12 طاقماً ماليزياً؟ وهل صحيح بينكم 19 فناناً صينياً شاركوا في معرض الفن بكوالالمبور؟ وهل بينكم اثنان بجوازين مزوّرين مسروقين من شخص نمساوي وآخر إيطالي تمت سرقة جوازيهما في تايلند عامي 2012-2013 ؟
لكن ولو كان الأمر بيدي، لكنت وضعت سؤالي الأول لهؤلاء العائدين أحياء من الفضاء، ونحن على موعد بعد أسبوع مع يوم الأرض بتاريخ 29 مارس بأن:
* (يا أيها العائدون ويا من استضافتكم الفضاء بطاقات فضائية متجدّدة، ماذا وجدتم لدى أهل الفضاء لأهل الأرض من طاقات متجددة؟).
* (إننا أهل الأرض لا نعاني من قلة الطاقات بالتفريط، بل نشكو كثرتها بالإفراط، طاقات في سوريا والعراق تخترق جماجم الأطفال الرُّضّع وهم على صدور الأمّهات!).
* (ويا أهل الفضاء، ممن أعادتكم دعوات المشايخ والملالي إلى الأرض بسلام، أليس في طاقات ذلك الدعاء المانح الحياة تلو الحياة، من شحنات تبثّ الروح في تلك الجثث المتلاشية بتفجيرات خلفها لحى وعمائم وجُبب أكثر من شوارب وكرفتّات؟!).
* (ألا من شحنةٍ معكم من الفضاء، توقف النزيف السوري من الحدود للحدود بدل التحضير للانتخابات في دمشقها العاصمة؟).
* (وتحِدُّ من ربيع الصواريخ على غزة ولبنان من جديد؟).
* (وتحدُّ من التلاعب بالنفط العراقي والليبي على حساب الشعبين المنبوذين في العراء؟).
* (وتحدُّ من جرّ عربة مصر بخيول دخيلة معروفة الهويات والأهداف؟).
* (وهل من شحنة تعطي الجزائر عاصمة الأربعين مليوناً، حق التصويت للدماء الجديدة بطاقات جديدة؟).
أم أنّ شيخكم الفضائي هذا الذي أعادكم إلى الأرض بسلام، هو مشغول في سلامة محرابه المخصص حصرياً لأوكرانيا (أهي لروسيا أم أوروبا؟).
بصراحة يا أهل أنصاف الفضاء، نحن أهل الأرض حائرون، لا نعرف من أين بدأت الأرض بتلك القنبلة الخضراء، وكيف سننتهى عليها من جديد، القنبلة الخضراء التي نحلم بها يوم الأرض الوشيك؟
كلّ القنابل الموقوتة التي فجّرت بيننا، أو تلك التي ألقيت علينا، لم تنته بخضراء أو لم تنته بشيء.. فإن كان مصيرنا مرهوناً بلحية ذلك الذي دعا لكم من أعماق البحار وقمم الجبال فأنقذكم.!.. فإن ما حصل لأهل الأرض الآن يضعنا في ريب من لحيته، ونخشى على كوكب الأرض أن الذي بين أهل الأرض بلحيته هو ذاته الذي كان يوماً بلحية أبي لهب وبامرأته حمّالة الحطب؟