أوضح المدير المساعد بقسم الشرق الأوسط ووسط آسيا بصندوق النقد الدولي ورئيس بعثة الصندوق للمملكة لـ»الجزيرة» أن أكبر المخاطر التي تواجه اقتصاديات المنطقة ومن ضمنها المملكة، هي أسعار النفط العالمية، موضحاً أن المقصود هنا ليس فقط قضية الأسعار، ولكن مقدار حاجة الاقتصاديات العالمية من النفط السعودي. وأضاف تيم كالين: بالنسبة للمملكة، فقد شهدت تقدماً في التنويع الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة فيما يخص الصادرات، إلا أن هذا لم يغني عن الاعتماد الكبير على النفط، وهو ما يدفعنا إلى توجيه نصيحتين للحكومة السعودية: أولها، أن تستمر المملكة في تنويع مصادر الدخل ولا يظل اعتمادها الكبير على النفط في المستقبل، بحيث نرى صادرات غير نفطية تنمو في المستقبل، كذلك نوصي الحكومة السعودية بالمحافظة على جزء من دخل النفط، تحسباً لطارئ انخفاض أسعار البترول مستقبلاً.
وأضاف: أحد أهم التحديات الأخرى التي يواجهها الاقتصاد السعودي تتمثل في خلق فرص الأعمال والوظائف، فالمملكة لديها جيل شاب متعلم يستعد للدخول إلى سوق العمل، وإتاحة الفرصة لهم يعد أحد أهم التحديات لمستقبل نمو الاقتصاد السعودي.
وحول تعارض توقعات وتنبوءات صندوق النقد الدولي مع تلك التي تصدر عن السعودية حول الاقتصاد المحلي قال كالين: التوقعات الاقتصادية دائماً لا تكون دقيقة، ونحاول أن نستغل المعلومات المتاحة لدينا لبناء توقعاتنا، وعندما نحصل على معلومات جديدة تتغير بعض التوقعات، والاختلاف يرجع ربما إلى نقص في الأرقام وعدم حصولنا على المعلومات الجديدة.. وقال: التقارير التي يصدرها صندوق النقد الدولي لا تختلف جذرياً عما يتم إصداره بعد ستة أشهر من تاريخ التقرير الأول، الفرق يكون بسيطاً.. وتابع: قد لا تكون توقعات صندوق النقد الدولي متوافقة مع نظيرتها بوزارة المالية السعودية أو مع أي جهة اقتصادية أخرى في العالم، وسيكون هناك اختلاف، وبالتالي عند حضور وفد الصندوق إلى المملكة يكون هناك نقاش حول هذه الاختلافات، ومن المستحيل أن نتفق على الأرقام نفسها في أي وقت.
وعن مستقبل النفط بعد ظهور النفط الصخري ذكر كالين: نتوقع زيادة إنتاج النفط الصخري في أمريكا خلال السنوات القادمة، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار أن هذ يوازيه نمواً في الاقتصاد العالمي الذي سيرفع الطلب على النفط، وبالتالي لن يكون هناك تأثيراً كبيراً على الأسعار ومن ثم عدم تأثر الاقتصاد السعودي، لأنه سيكون هناك توازن بين الطلب والعرض العالمي، ولو حدثت زيادة غير متوقعة في إنتاج النفط الصخري سيكون تأثيرها متمثلاً في ضغوط سعرية على النفط وبالتالي ينخفض إنتاج النفط السعودي.
من جهة أخرى، انطلق أمس الثاني من دورة «إعلام المالية والنقد الدولي» الذي تنظمه أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان للاعلام التطبيقي، برعاية مؤسسة النقد العربي السعودي مع محاضرة لتيم كلن مساعد مدير شؤون الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي والذي قدم شروحا تفصيلية عن دور صندوق النقد الدولي والأدوار المناطة به في منظومة الاقتصاد العالمي بدءاً من توفير التحاليل والتقارير الاقتصادات العالمية وتعزيز التشاور في القضايا الاقتصادية الدولية، إضافة الى المساهمة في استقرار اسعار العملات ونظام المدفوعات المالية العالمية والتبادل التجاري العالمي، وأيضاً تقديم المساعادات المالية لدعم ميزان المدفوعات للدول المتعثرة. كما تطرق تيم للعلاقة التكاملية في الاهداف العامة بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمي والفروق في الادوار التنفيذية المناطة بكل منظمة. حيث إن صندوق النقد الدولي يتولى شئون الأوضاع الاقتصادية على المدى القصير والعاجل بينما يتولى البنك الدولي الأدوار الخاصة بالتنمية طويلة الأجل والمشاريع الاقتصادية.
وفي الشق الثاني من المحاضرة، قدم الدكتور فهد الشثري المدير التنفيذي للسعودية في صندوق النقد الدولي نظرة على آلية عمل صندوق النقد الدولي ومجلس المحافظين للصندوق، كما تطرق الى اللجان الفرعية واللجنة التنفيذية والأدوار المناطة بهم لتحقيق اهداف الصندوق اتجاه منظومات الاقتصادات العالمية والأعضاء.
وكشف الشثري عن تفاصيل آلية اتخاذ القرارات والقوى التصويتية للمجلس التنفيذي للصندوق واللجان الفرعية والهيكل الاداري العام للصندوق. كما تطرق لذكر وظائف الصندوق من ناحية الرقابة والاقراض والمساندة الفنية للدول الأعضاء. ومن ناحية استفادة المملكة من عضوية الصندوق، ذكر الشثري أمثلة لمساهمة الصندوق في دعم السعودية فنياً وتقديم المشورة بشأن السياسات المالية والاقتصادات، وذلك منذ انضمامها لعضوية الصندوق.
وقد حظيت جلسة اليوم الثاني باهتمام وتفاعل كبير من قبل الحضور حيث أبدى الصحافيون المشاركون اهتمامهم لمعرفة تفاصيل الدور الذي تمارسة السعودية في صندوق النقد الدولي والفائدة العائدة على منظومة الاقتصاد السعودي والعلاقة التقاطعية مع المؤسسات الاقتصادية العالمية الأخرى والدور المحوري الذي تلعبه السعودية في استقرار اسعار النفط في الأسواق العالمية.