تم الإعلان هذا الشهر عن وظائف مستقبلية في قطاع السياحة في المملكة العربية السعودية، إعلان عن الوظائف التي سيخلقها منتجع العقير السياحي، حيث إنه سيوجد 90 ألف وظيفة. وهذا رقم يقف عنده الكبير والصغير حيث إن هذه الفرص الوظيفية أكثر من عدد موظفي أرامكو وسابك (معاً)، حيث إن تلكما الشركتين يعمل بهما أقل من 85 ألف وظيفة.
وإعلان ثاني، لرقم تثار حول إمكانية إنجازه الشكوك، مليون و700 ألف وظيفة في قطاع السياحة بحلول عام 2020. لاشك أن السياحة من مصادر الدخل لغالبية الدول، إن لم يكن من أهم ثلاثة مصادر لكثير من الدول، فالسياحة عامل أساسي في دعم اقتصاد الدول، وتستثمر غالبية الدول في القطاع السياحي، حيث إن له مردوداً مالياً عالياً ويوفر فرصاً وظيفية للمنتجين والطلبة في المواسم. ذكر التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي أن الوظائف المباشرة للقطاع السياحي 709 آلاف لعام 2012م، 341 ألف وظيفة منها في «المطاعم والمقاهي»، و185 ألف وظيفة في «خدمات نقل المسافرين». وذكر التقرير (عن مركز ماس، الهيئة العامة للسياحة والآثار) أن عدد الوظائف المباشرة في قطاع السياحة في عام 2015م سترتفع إلى 841 ألف وظيفة، وستصل إلى مليون و182 ألف وظيفة في عام 2020م، وذكر التقرير أيضاً أن عدد الوظائف غير المباشرة في قطاع السياحة سيصل إلى 421 ألف عام 2015م و إلى 591 ألف في عام 2020م، أي أن مجموع عدد الوظائف التي سيصل إليها قطاع السياحة مليون و774 ألف وظيفة (مباشرة وغير مباشرة) في عام 2020م.
يتفق الرأي العام للمواطنين مع معايير الأعمال وأفضل التجارب للدول الأخرى، حيث يتفقان على أن وعود السياحة في المملكة مضى عليها أكثر من 13 عام، ولم نشاهد النتائج والتطلعات المأمولة، ولازلنا حتى يومنا هذا نسمع فقط بالوعود ما بعد 2015م و 2020م، وما أن نصل إلى تلك السنوات، إلا وسنسمع عن وعود وإنجازات مستقبلية، 2025م و 2030م.
الوظائف التي تتيحها السياحة غير منتجة للمواطن وليس بها تطوير ولا ابتكار، وقد تناسب الطلبة لزيادة دخلهم، فكون أبنائنا يعملون في المطاعم والمقاهي أو خدمات النقل أو مجمعات الإيواء لن تكون وظائف يُعتمد عليها لتكوين عائلة وسكن في ظل مصاريف تتزايد سنوياً وتحديات وصعوبات في التنافس للبقاء على مستوى معدل المعيشة.
غاب عن هيئة السياحة أو المفكرين لهيئة السياحة الفكر والإنتاج والابتكار، لم نشاهد أو نسمع عن منتجعات بأسعار معقولة للمواطن العادي يستمتع بها الجميع، وكأن المنتجعات محصورة لطبقات عليا، لم نشاهد استغلالاً للجبال الشامخة والطويلة، ولم نشاهد استغلالاً للمناطق الربيعية في الصحاري، بل بالعكس، سُورت تحت اسم «محميات» حتى أصبح اختراق تلك الأسوار يُراقب من قبل حرس عسكري، لم نشاهد رحلات بحرية بسفن كبيرة التي تستوعب للآلاف وبها أسواق ومسابح وألعاب والتي تستطيع العائلة التمتع بأجواء البحار ليل نهار في رحلة نصف شهر تُبحِر من الدمام إلى خليج العقبة مروراً وتوقفاً لنصف يوم في كلٍ من الدوحة ودبي ومسقط وصلالة وجازان وجدة وينبع وضبا قبل العودة بنفس المسار (يبدو وكأنه حلم)، كما كنا نحلم بمدينة ملاهي شبيهة بـ «دزني لاند». بل حتى منتجعات نخيل وأشجار على الخطوط الطويلة مثل الرياض - الطائف تُجبر المسافر للاستراحة والاستمتاع في منصف الطريق ليوم أو اثنين.
ركزت هيئة السياحة على تنظيم غير مجدي للفنادق والشقق المفروشة ومحطات الوقود على الطرق السريعة، أصبحت تتابع بدون جدوى ولا آلية للأسعار بعد أن أخفقت في ترك المنافسة بين المستثمر والمواطن.. المسافر على الطرق السريعة الرئيسية كالدمام - الرياض أو جدة - المدينة يشاهد المناظر غير لائقة في مرافق محطات الوقود التي يُفضل الكثير عدم استخدامها. تهيئة السياحة غير منّظمة فهناك ضعف في الاستعدادات للمطارات وتنظيمها وإجراءات المسافرين، 13 عام على تنظيم هيئة السياحة والآثار ولم نشاهد حتى السيطرة على تنظيم سيارات الأجرة.
لاتزال هناك صعوبات في التنقل بين المدن في جميع أنواع المواصلات، ولم نشاهد تطلعات في تحسين السياحة الدينية غير تنظيم فنادق وسكن مرتفع الأسعار وصعوبة في وفرته.
المخرجات النهائية للسياحة هي عدم «رضا العميل»، المواطن لايزال غير راضٍ عن الإنجازات، بل إن السياحة مادة ساخرة لكثير من الأشخاص، عندما ترى هدفهم الأول رصد الأرقام لتقاريرهم الدورية، فموظفو شركات الطيران ينسبونها لأنفسهم، نسافر دائماً بالسيارة والطائرة ولا أحد يعلم إن كان سفرنا للزيارة أو العلاج أو غيره، إلا أن التقارير ترصد أرقاماً بدون قواعد صحيحة.
على هيئة السياحة الاعتراف بعدم التقدم والإنجاز لكي تستطيع النهوض بما تبقى من الوقت، عليهم استيعاب أن الفكر ليس محصوراً على الكوادر القائمة على العمل الحالي والتخطيط، عليهم إشراك مفكرين ودور فكر، وفتح قنوات اقتراح واستبيان المواطن والطالب، وتتبع خطوات الدول التي سبقتنا في السياحة ونجحت. لتعلم هيئة السياحة أن مفهوم السياحة للمواطن هي (قضاء إجازة مع الأبناء يتحدثون عنها حتى العام المقبل حيث ينتظرون إعادة التجربة).