كان حضوري لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2014 هذا العام مختلفا لأن كيت شوبان ستصحبني إليه، كان هذا الشعور يملؤني بالفرح، وهذا ما جعلني أبدل خطتي لأحضر في الأسبوع الثاني، فقد توقعت أن يكون كتابي (عاصفة الأدب الأمريكي كيت شوبان) في اليوم الأخير، ولكن لم يحدث كل ذلك ولم يزعجني كثيرا، فقد كنت سعيدة وأنا أراجع مع المدقق الكلمات والجمل والتراكيب اللغوية والهوامش، واستمر ذلك طوال أيام المعرض.
بدأت زيارتي لمعرض الكتاب عصر يوم الثلاثاء 11 مارس، كنت أركض فقد أخبرتني صديقتي منى هينيغ صاحبة دار المنى السويدية أنها ستسافر، وركضت إليها وأنا أحمل كعكا وحلوى و سكري لتحملها إلى السويد، والتقيت بها وأزعجني إبلاغها لي بسرقة إحدى دور النشر العربية لرواية عالم صوفي لغاردر والتي ترجمتها دارها، وكانت تتحدث إلي عن ذلك بمرارة، منى هينيغ التي أتت من أرض الفاكينغ التي تحفظ حقوق الجميع، في اليوم ذاته وصلت صديقاتي من المنطقة الشرقية وجازان وبدأنا أمسيات ثقافية حالمة استمرت ثلاثة أيام. فقد حملت مقهاي، مقهى مدى الثقافي إلى الرياض، كان إيوانا آخر ينافس الإيوان الثقافي الذي يجاورني، وبدأت حوارات بمشاركة أصدقاء وصديقات عن الثقافة و المرأة والرجل ودور النشر والأندية الثقافية والترجمة، وأيضا كان هناك قراءات لنصوصنا، وجلسات نقدية.
مما أبهجني وأنا أزور جناح دار المفردات إصداراتها لسلسلة كتاب المستقبل في خطوة غير مسبوقة في تشجيع المواهب الواعدة في مجال الكتابة فكان إصدارا لموهوبتين إحداهما في الثالثة عشر من عمرها، أصدرت (حكايات ما قبل النوم) وقد كتبتها وهي في الصف الخامس الابتدائي، وهي روز العقلاء، أما الموهبة الثانية فهي غادة الزهرة وهي فتاة في الخامسة عشر وتمثل الإصدار في رواية حملت عنوان (بانتظار الواقع)،.
في صباح اليوم الثاني ذهبت لزيارة المعرض، وكانت زيارة طالبات المدارس، ما أجملهن، وهن يتدفقن، كن من المراحل الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية، كانت عقولهن الوارفة تنثر أسئلتهن، وابتسمت لارتباكات المعلمات اللواتي صحبنهن وضجرن من شغبهن البريء، فالمعلمات يحملن وصايا مديراتهن (انتبهوا للبنات)، ولا يردن أن ينسين أنهن في معرض دولي للكتاب، وأن الطالبات من حقهن يبتهجن ويسألن، تذكرت صديقتي الألمانية التي حكت لي عن زيارتها المدرسية للمكتبة في مدينتها، كان أغلب المدارس التي زارت المعرض مدارس خاصة متميزة.
وفي المساء حضرت محاضرة المترجم المبدع صالح علماني الذي فتح نوافذ أدب أمريكا اللاتينية للقارئ العربي كما فتحت كارين بو نوافذ أرض ت اس اليوت للقارئ السويدي، والتقيت أيضا لويس ميغيل الذي نقل الأدب العربي إلى القارئ الإسباني وحييتهما، وسرني الحضور الجيد للعنصر النسائي في الأمسية، كيف لا، فالمترجمون يستحقون الاحتفاء.
وأنا أمر بين أروقة المعرض زرت جناح ألمانيا، فأنا أتابع فعاليات معرض فرانكفورت، تأملت بوستراته، وأسعدني وجود منشورات معهد أديب ومفكر ألمانيا غوته، والتي كنت أبحث عنها، كان الجناح يعرض بوسترات لمسابقات وجوائز ثقافية ومنها مسابقات الكتاب الألماني و جائزة أفضل تصميم للكتاب الألماني، أعحبتني فكرة الجائزة كثيراً، وملاتني أمنيات أن تستفيد وزارة الثقافة لدينا من هذه الفكرة فيكون تواصل إبداعي بين فكر الخط واللوحة والكلمة.
كانت المسئولة عن جناح ألمانيا سيدة عربية ذات قسمات صارمة، رأيت في عينيها دهشة وأنا أسألها عن آخر الإصدارات، وعن الكتب التي حصلت على جوائز، وعن كاتبات أدب الطفل في ألمانيا، لكن بعد ذلك تجاوبت معي وأحضرت لي بروشرات وإصدارات معهد غوته باللغتين العربية والانجليزية من الداخل وهي تبتسم.
كان وجود دار المنظمة العربية للترجمة متميزا بإصداراتها المترجمة المتميزة وأيضا إصدارتها التي تتناول مفهوم علم الترجمة ونظرياته وتطبيقاته، وأتى اليوم الأخير امتلأ المعرض بالزائرين بشكل ملحوظ ورأيت تدفق على جناح الأندية الأدبية وطلب على إصدارات نادي جدة الأدبي.
وأنا أرى الأيادي تجر عربات ممتلئة بالكتب تمنيت أن نكون قراء يغيرهم الكتاب إلى الأفضل وليس فقط أن نقرأ أو أن بيوتنا بالكتب.
وأنا أغادر المعرض انتصب أمامي عبارة الحقوق الفكرية، وأشغلني وما حدث مع المترجمة والناشرة منى هينيغ وتجاهل حقوقها في الرواية التي ترجمتها دارها، وديوان درويش وما حدث معه مع دار أخرى، ترى ما الذي يحدث بشأن الحقوق الفكرية في دور نشر لها سنوات وسنوات في النشر؟، أخافني ذلك، وانبثق سؤال، هل رحل مؤسسو دور النشر الأمناء وأتى آخرون لا يحملون أية أخلاق مهنية؟، وأطلت ملاحظة صديقاتي الشاعرات والكاتبات لمعظم دور النشر لدينا وترديدهن لإجابة واحدة للمؤلف عندما يسأل عن كتابها، لتكون الإجابة «ما انباع شيء»، وتبقى أمنية أن يكون هناك محاضرات في المعارض القادمة عن صناعة الكتاب وتسويقه واستعراض تجارب دور نشر عريقة ومتميزة من الدول المتقدمة في ذلك لعل ناشرينا يستفيدون من خبراتهم، ويتعلمون مهارات الاتصال الثقافي مع الكاتب ويردون على مكالماته، ورسائله النصية، فعندما تواصلت مع إحدى دور نشر في الولايات المتحدة لأجل كتابي عن كيت شوبان رد علي الناشر في دقائق رغم أنه كان في إجازة احتفالات الكريسمس!،.كما أن ناشري ستوكهولم وفرانكفورت ولندن وواشنطن هم أصدقاء للكاتب وملهميه وداعميه وشركاء نجاحه..