عاد الهدوء ليخيم نسبياً على مدينة القيروان بعد يوم دامٍ عرفته شوارع المحافظة إثر نشوب مواجهات بين أنصار التيار السلفي المتشدد وقوات الأمن، وذلك على خلفية احتجاجات عنيفة للسلفيين الذين رفضوا تعيين إمام جمعة جديد خلفاً للإمام السابق، وهو أحد أبناء التيار.
وكانت وزارة الشؤون الدينية، وفي مسعى منها لإعادة سيطرتها على المساجد «الفالتة»، قد قررت تسمية إمام خطيب محايد، لا يدعو إلى الفرقة والتكفير والجهاد خارج البلاد، صوناً للوحدة الوطنية وحماية للشباب المتدين.
وفي الإطار نفسه، جدت وسط هذا الأسبوع حادثة شدت انتباه الخبراء الأمنيين والسياسيين ورجل الشارع على حد سواء، تمثلت في القبض على شخصين ينتميان لحزب التحرير المرخص له، وهما بصدد توزيع منشورات، يُشتبه في تورط مضامينها في الدعوة إلى القيام بأعمال إرهابية؛ وتمت إحالتهما إلى إحدى الفرق المختصة في القضايا الإرهابية للاشتباه في تورطهما في التحريض، والمشاركة في ارتكاب جرائم ضد أمن الدولة ولها صلة بقانون الإرهاب.
وما إن انتشر الخبر حتى عم الارتباك، وتكاثرت الشكوك حول إمكانية تورط حزب التحرير في العمليات الإرهابية الأخيرة؛ إذ أشارت بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية إلى أن حزب التحرير قد يكون من الخلايا الإرهابية النائمة التي لها صلة بالجماعات الإرهابية في تونس، مشددة على ضرورة تتبع أنشطة هذا الحزب جيداً، وتشديد المراقبة الأمنية عليه من طرف وزارة الداخلية.
وفي المقابل، لا يعتقد الدكتور نور الدين النيفر الخبير في الأمن الاستراتيجي الشامل أن حزب التحرير خلية إرهابية نائمة؛ لأنه يتحرك علناً، ويعبر عن مواقفه علناً، مشدداً على أنه لا يتصور أن المؤسسة الأمنية ستضيق الخناق على أنصار حزب التحرير في الفترة القادمة؛ لأن وحدات الأمن تكافح الإرهاب وليس لها أي مشكل مع أنصار هذا الحزب.
وبين هذين الرأيين المتبايينين كان لزاماً على رئيس حزب التحرير رضا بلحاج إنارة الرأي العام بحقيقة الوضع؛ إذ أقر بإيقاف شابين ينتميان إلى الحزب بصدد توزيع منشورات تتعلق بأهداف الحزب، لكنه نفى أن تكون مضامين هذه المنشورات لها علاقة بظاهرة الإرهاب.
ودائماً في سياق مكافحة الإرهاب، فقد صرح المكلف بالجناح الأمني لتنظيم أنصار الشريعة المحظور، الذي تم إيقافه مؤخراً، بأن التنظيم المصنف إرهابياً كان يعتزم تنفيذ عمليات اغتيال جديدة لشخصيات سياسية وأمنية بغية بث الفوضى، إلى جانب القيام بتفجيرات لفضاءات تجارية كبرى بالعاصمة، إلا أن حنكة قوات الأمن أوقعت به، وحالت دون تنفيذ المخطط الإرهابي للتنظيم.
من جهة أخرى، أكد المولدي الجندوبي نائب رئيس اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار أنه من المنتظر أن يستأنف الحوار جلساته في غضون الأسبوع المقبل بعد أن توقف لإتاحة الفرصة للمجلس التأسيسي بالانصراف لمناقشة مشروع القانون الإنتخابي، موضحاً أن الجلسة المقبلة ستنظر في النقاط الخلافية التي تضمنها المشروع.
كما أفاد الجندوبي بأن الرباعي الراعي للحوار سيدرس في لقائه المرتقب مع رؤساء الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار تشكيل فريق عمل لمراقبة عمل حكومة المهدي جمعة ومدى التزامها بتطبيق ما نصت عليه خارطة الطريق المتفق بشأنها.