«يا فرحة ما تمت» هو ما يمكن قوله بالعامية على فشل تسليم المعارضة السورية مقعد سوريا في الجامعة العربية، فالخلاف العربي الذي قادته العراق والجزائر ولبنان أسهم في تأجيل المطلب المستحق، وأعطى للأسف ورقة التوت للنظام كي يوصل رسالةً للعالم أن الصراع في سوريا سياسي بين طرفين متحاربين لكلٌ منهم سبب ودافع، لا إنساني من شعب ثار على حكم استبدادي قاتل وقامع لأبسط الحقوق لمواطنيه.
هذا الموقف يطرح جدلاً غير مُعلن ومؤجل بشأن آلية اتخاذ القرارات في جامعة الدول العربية، والتي يجب أن تحظى بنظام جديد يساهم في تسريع اتخاذ القرارات عبر الأغلبية لا الاجماع المطلق.
كما تأصيل مبدأ أن اختلاف دولة ما مع أجندة الأغلبية لا يجب أن يعني تشويشاً على أعمال القمة أو انسحاباً، فالهدف من هذا التجمع العربي الدوري هو الحفاظ على الكينونة العربية والدفاع عن مصالح دولها ضد أي خطر داخلي أو خارجي، بالإضافة إلى تشكيل تكتل ضاغط، لم يصل لحد اللحظة لما تطمح له الشعوب.
التجربة الأوروبية كانت أكثر مسؤولية في مواقف الاختلاف بين أعضائها، ولم نسمع عن اختلافٍ أوروبي بشأن قضيه مصيرية يتسبب قلة من الأعضاء في فرض رأيهم على الأغلبية ومن ثم يعطلوا قراراً يلقى قبول الأكثرية.
القضية السورية لم تعد بحاجة لمزيد من الرؤية ولا تعاني من الضبابية ولا تحتمل إضاعة مزيد من الوقت لإصلاح الحال وحل الأزمة سلمياً، وجنيف واحد واثنين لم تسهم بشيء سوى أنها منحت بشار وزمرته فرصةً للظهور الإعلامي وكسر الحصار الدولي المفروض عليهم، ونظامهم ما زال يمارس قمعه كل يوم ولم تبدر منه حتى اللحظة سوى مواقف تثبت تشبثه بالسلطة، وآخرها ما أعلنه بشار الأسد عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وكأن شيئاً لم يحدث وأدى إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف من شعبه وتشريد الملايين وتهجيرهم.
إطالة عمر الثورة السورية لن يتسبب فقط في إطالة معاناة الشعب السوري، بل سيسهم في تصدير أزمتها لكل الدولة العربية، عبر خلق تنظيمات مسلحة قابلة للتكاثر والانتشار عبر فكرها الضال، الذي تستقطب به شبابا صغيرا مُغررا به، وتنظيم داعش ليس ببعيد عنا!