الجهاد له اصوله وقواعده التي حددها شرعنا وشريعتنا الاسلامية ولم يترك مجالاً للتأويل أو التحريف الا من اراد ان يمتطي صهوة العناد والمخالفة لما أمر به الله ان يكون.. نعلم ان الجهاد ذروة الاسلام وسنامه ولكن ليس بالطريقة التي اهلكت شبابنا وجرتهم إلى مستنقعات الغدر والخديعة فتحولوا إلى ادوات يستخدمها اعداء هذا البلد ضد وطنهم وضد انفسهم واهلهم واسرهم.. وحان الوقت لإيقاف هذا العبث ان صح التعبير لأن ازهاق الارواح ورميها في المهالك بدون تروٍ ولا روية ولا حق يصبح عبثاًَ وانحرافاً واضحاً وصريحاً, لذلك اتى امر الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز ليريح الاباء والامهات من معاناة طالت في تهور بعض الابناء وانحرافهم عن الطريق الصحيح والأسلوب الأمثل للتعامل مع الواقع, وقد ثمنت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء هذه الخطوة الموفقة، حيث قال الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد: إن الامانة العامة لهيئة كبار العلماء إذ تنوه وتثمن هذا الامر الملكي الكريم لتؤكد أنه يأتي في سياق السياسة الشرعية المناطة بولي الامر والمؤسسة على النصوص الشرعية, والقواعد المرعية التي تقوم على ان تصرف الامام على الرعية مناط بالمصلحة, ومن ذلك قرار السلم والحرب المناط بولي الامر ابتداءً وانتهاء, فقد قرر العلماء في مجاميعهم ان امر الجهاد موكول إلى الامام واجتهاده, ويلزم الرعية طاعته في ذلك.. وهذا ما يجب ان يكون. اما ان يترك الامر كما كان سابقًا التحاق بمنظمات ارهابية وارتماء في احضان التطرف والمتطرفين والقيام بأعمال تتنافى مع شريعتنا وعقيدتنا السمحة هذه ليست الطريقة السليمة لاي انسان يملك فكرا وعقلا سليما.
وقد رأينا وشاهدنا وسمعنا في السنوات الماضية ما يكفي من الأدلة والقرائن التي اتضح من خلالها ان شبابنا الذين خرجوا عن طوع اهلهم وولي امرهم لم يحصدوا الا الخيبة والدمار، بل استخدموا كوسائل للتفجير والتقتيل والعبث الانساني وحملوا اهلهم تبعة مالحق بهم فبكت الأمهات وترملت الزوجات وانهار الاباء واغلبهم لم يخرج تدينًا ولكن من اجل نزوات عنترية الحقت الضرر بهم وببلادهم واسرهم، لذلك آن الآوان ان يوقف هذا المد غير المبارك ونعيد الامور إلى نصابها.. وقد أكد خطأ هؤلاء كل الأئمة الشرعيين المعروفين واعتبروا القيام بالجهاد بشكل فردي عبثا وجنونا.. ولا يقره الشرع.
وقد اكد ذلك العلامة الشيخ عبدالله بن بيه, أستاذ الفقه الإسلامي, ورئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد بلندن, وعضو المجامع الفقهية, وأستاذ الدراسات والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز ووزير سابق, بأن كثيرا من فتاوى الشباب قاصرة كونها تعتمد او تؤسس على الجزئيات وليس على الكليات, ولهذا يجانبها الصواب, جاء ذلك في الحلقة الاولى من سلسلة اللقاءات مع العلامة بن بيه, واوضح ان بعض الشباب يتمسك بالجزئيات ويقيم عليها فتواه, فرغم ان العلماء ينظرون دائمًا للجزئي من خلال الكلي, واضاف بأن السبب وراء هذه الاستمساكات ضعف في الوعي الشرعي, وبعض الاستحكامات الأيدلوجية, وحب الظهور والغلبة والاختلاف.. فإذا كان هذا رأي العلماء الأجلاء الذين قضوا حياتهم في البحث والتحقيق والتدقيق في الأوامر والنصوص الشرعية فما بالك بأناس يأخذون الفتوى ممن لا يملكونها وليسوا أهلا لها.. كيف لهم ان يرتادون دروب المهالك دون وعي او رويه.. كيف يخرجون على ولي الامر واوليائهم بهكذا طريقة وهكذا اسلوب.. ان ذلك يعد خروجًا عن الواقع المحمود إلى الواقع المذموم والمكروه فحري بشبابنا الذين انساقوا في هذا الطريق ان يعودوا إلى رشدهم وان يفكروا فيما ينفعهم وينفع اسرهم ويعود على بلدانهم واهاليهم بالخير لا بالشر والنكبات، هذا اذا ارادوا ان يطيعوا الله والرسول صلى الله عليه وسلم ومن لايعلم فليسأل اهل العلم الثقات ويبتعد عن مواضع الشبهات ايا كان لونها ودعاة الشر والفتن.
كما أن اليوم غير الأمس وعلى كل شخص ان يتنبه ان العقاب سيكون بانتظاره لا محاله.. وشكرًا لولي الأمر ولعلمائنا حفظهم الله الذين يحرصون علينا وعلى ابنائنا والله الهادي إلى سواء السبيل.