رجلٌ يجلسُ وبيدهِ جوالٌ قد اشتغل بهِ.. يتأملهُ قليلاً ثم يضعه عند مسامعه وينادي «ألوه» يبتسمُ وقد لف على رأسه ببقايا قماش «شماغ».. وما زالَ مبتسماً وصوته عال وقد نادى بكل الأسماءِ سائلاً عن الأحوالِ.. استرخى قليلاً بعد أن وضع ظهره على جدارِ الدكان ثم تمتم مع من يحادثها ووعد بهدايا قد ملأ بها حقيبته.. استعدل بجلسته ثم رحب بالحجة وقال أخباركِ تصلني ثمَ بكى.. رددَ قوله آمين.. في لحظة لم أسمع ما تقولهُ لكنني رددت معه آمين، هو دعاءٌ من أم قد رضت عليه فأرضاها.. مسح دمعته بعد عمل مرهق بأكمام قد مزقت وأزرار مختلفة قد وضعت في غيري مكانها.. أغلق الخط بعد دقائق مضت مبتسماً وضاحكاً ثم باكياً، تأمل جوالهُ ثم أخذ نفساً عميقاً.. التفت يمنة ويسرة ثم سارا نحو طريق أجهلُ وجهته.. مضى في طريقه يجرُّ خطاه، رفع يده يلقي تحية الإسلامِ على أُناس بصوت يخالطه الشوق للأهلِ وترابِ وطن قد ولد وعاش طفولته فيه.. مر بين أزقة يلهو بها الأطفالُ، ثم وقف ينظرُ إليهم وهو في نظري قد بعُد.. أراه متأملاً وفي نفسي أرددُ هو الشوقُ وإن طال بنا ففي غربةِ المكانِ أناسٌ نحبهم ويحبوننا.